وفيهاتوفي صاحب الموصل الملك الرحيم بدرالدين لؤلؤالأرمني مملوك نورالدين أرسلان شاه، كان مدير دولة أستاذه، ثم آل أمره إلى أن استقلىبالسلطنة، وكان حازما شجاعًا مدبرًا خبيرًا.
[سنة ثمان وخمسين وست مائة]
في ثاني صفرمنهانزل ملك التتارعلى حلب، فلم يصبح عليهم الصباح إلاوحفرواعليهم خندقاً عمق قامة، وعرض أربعة أذرع، وبنوا حائطًا ارتفاعه خمسة أذرع، ونصبواعشرين منجنيقاً، وألحوابالرمي، وشرعوافي نقب السور، وفي تاسع صفر ركبوا الأسوار، ووضعوا السيف يومهم، ومن الغد، فقتل أمم وأسرخلق، وبقي القتل والسسبي خمسة أيام، ثم نودي برفع السيف، وأذن مؤذن يوم الجمعةبالجامع، وأقيمت الجمعةبأناس، ثم حاطوا بالقلعة فحاصروها، ووصل الخبر يوم السبت إلى دمشق، فهرب أناس، ثم حملت مفاتيح الحماة إلى الطاغية المذكورة، واسمه هولا، وحاصرت التتار دمشق ورموا برج الطارمه بعشرين منجنيقًا، فتشقق، وطلب أهلها الأمان فلبوهم، وسكنهااليل كنيعًا، وتسلموابعلبك وقلعتها، وأخذوانابلس ونواحيهابالسيف، ثم ظفروا بالملك فأخذوه بالأمان، وصاروابه إلى ملكهم فرعى له محبته وبقي في خدمته أشهراً، ثم قطع العزلة راجعاً، وترك بالشام فرقة من التتار، وتأهب المصريون وشرعوا في المسير، ثارت النصارىبدمشق، ورفعت رؤوسها، ورفعوا الصليب ومروابه، وألزموا الناس القيام له حوانيتهم ووصل جيش الإسلام للملك المظفر، فالتقىالجمعان علىعين جالوت غربي بيسان، ونصرالله دينه الظاهر على سائرالأديان، والحمدلله للطيف المنان، وقتل المصاف مقدم التتار كنيعًا، وطائفة من أمراء المغل، ووقع بدمشق النهب والقتل النصارى، وأحرقت كنيسةمريم، وذلك في أواخر رمضان، وعيدالمسلمون علىعظيم، فلمارجع الملك المظفر بعد شهر إلى مصر أضمر شرًا لبعض أهل الدولة وآل الأمرإلى أن رماه بهادرالمغربي بسهم قضى عليه بقرب قطبة، وتسلطن ركن الدين الملك الظاهر، وكان قد ساق وراءالتتار إلى حلب، وطمع في أخذ حلب، وقال: وقدوعده بهاملك المظفرفلمارجع أضمرله الشر، وخلف الأمراءبدمشق لنائبهاعلم الدين الحلبي