رأه بطلميوس على تلك الصورة علم أنه يرتسم في السطح ويكون نصف دائرة، ويحصل منه ما يحصل من الكرة، فوضع الاصطرلاب، ولم يسبق إليه، وما اهتدى أحد من المتقدمين إلى أن هذا القدر يتأتى في الخط، ولم يزل الأمر مستمراً على استعمال الكرة والاصطرلاب إلى أن استنبط الشيخ شرف الدين الطوسي المذكور في ترجمة الشيخ كمال الدين بن يونس - رحمهما الله تعالى -، وهو شيخه في هذا العلم - أن يضع المقصود من الكرة والاصطرلاب في خط، فوضعه وسماه العصا، وعمل له رسالة بديعة، وكان قد أخطأ في بعض هذا الوضع، فأصلحه الشيخ كمال الدين، وهذبه. والطوسي أول من أظهر هذا في الوجود، فصارت آلهيئة توجد في الكرة، لأنها تشتمل على الطول والعرض والعمق، ويوجد في السطح الذي هو مركب من الطول والعرض بغير عمق، ويوجد في الخط الذي هو عبارة عن الطول فقط، ولم يبق سوى النقطة، ولا يتصور أن يعمل فيها شيء، لأنها ليست جسماً ولا سطحاً ولا خطاً، بل هي في طرف الخط. كما أن الخط طرف السطح، والسطح طرف الجسم، والنقطة لا تتجزأ، فلا يتصور أن يرتسم فيها شيء، وهذا وإن كان خروجاً عما نحن بصدده فإنه لا يخلو عن فائدة، والعلم به خير من الجهل به.
[سنة خمس وثلاثين وخمس مائة]
فيها ألح زنكي على دمشق للحصار، وخرب وعاث بحوران، ثم التقاه عسكر دمشق، فقتل جماعة، ثم ترحل إلى الشرق. وفيها توفي الحافظ الكبير أبو القاسم اسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي الطليحي الأصبهاني، إمام أئمة وقته وأستاذ علماء عصره. قال ابن السمعاني: هو أستاذي في الحديث، وعنه أخذت هذا القدر، وهو إمام في التفسير والحديث واللغة والأدب، عارف بالمتون والأسانيد. أملى بجامع أصبهان قربياً من ثلاثة آلاف مجلس. وقال أبو عامر العبدري: ما رأيت مثله ذاكرته، فيأيته حافظاً للحديث، عارفاً بكل علم متفنناً، وقال غيره: صنف التفسير في ثلاثين مجلما كباراً. وفيها توفي رزين بن معاوية العبدري الأندلسي، مصنف تجريد الصحاح. ومحمد بن عبد ألفاقي الأنصاري الحنبلي، سمع من علي بن عيسى ألفاقلاني، وأبي الطيب الطبري وطائفة. وتفقه على القاضي أبي يعلى، وبرع في الحساب وآلهندسة، وشارك