وفيها توفي أبو الحسن الدهان علي بن موسى السعدي المصري المقرئ الزاهد، قرأ القراءات، وتصدر بالفاضلية، وكان ذا علم وعمل.
وفيها توفي صاحب المغرب المرتضى أبو حفص عمر بن أبي إبراهيم القيسي المومني، ولي الملك بعد ابن عمه المعتضد، وامتدت أيامه، وكان مستضعفاً دخل ابن عمه أبو دبوس الملقب بالوراث بالله إدريس مراكش، فهرب المرتضى، فظفر به عامل الواثق، وقتله بأمره، وأقام بالواثق ثلاثة أعوام، ثم قامت دولة بني مريق وزالت دولة آل عبد المؤمن.
[سنة ست وستين وست مائة]
فيها افتتح السلطان بلداناً كثيرة في بلاد الشام، منها حصن الأكراد وأعمال طرابلس وأنطاكية، وأخذها في أربعة أيام وحصر أعني أنطاكية، وحصر من قتل بها، وكانوا أكثر من أربعين ألفاً. وفيها كانت الصعقة العظمى على غوطة يوم ثالث نيسان إثر حفظة السلطان عليها، ثم صالح أهلها على ست مائة ألف درهم فأضر بالناس، وباعوا بساتينهم بالهوان.
وفيها توفي خطيب الجبل إبراهيم ابن الخطيب شرف الدين عبد الله المقدسي، كان فقيهاً إماماً بصيراً بالمذهب صالحاً عابداً مخلصاً منيباً صاحب أحوال وكرامات، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وقول بالحق، سمع من جماعة، وقد جمع ابن الخباز سيرتة في مجلد.
وفيها توفي الحنش النصراني الكاتب، ثم الراهب أقام بمفازة الإسكندرية بجبل حلوان بقرب القاهرة، فقيل: إنه وقع بكنز للحاكم صاحب مصر، فواسى منه الفقراء والمستورين من كل ملة، واشتهر أمره، وشاع ذكره، وأنفق في ثلاث سنين أموالاً عظيمة، فأحضره السلطان، وتلطف به، فأبى عليه أن يعرفه حقيقة أمره، وأخذ يراوغه ويغالطه، فلما أعياه سلط عليه العذاب، فمات وقيل: إن مبلغ ما وصل إلى بيت المال من جهته في المصادرة في مدة سنتين ست مائة ألف دينار ضبط ذلك بقلم الصيارفة الدين كان يصبغ عندهم الذهب، وقد أفتى غير واحد بقتله خوفاً على ضعفاء الإيمان من المسلمين أن يضلهم ويغويهم.
وفيها توفي صاحب الروم السلطان ركن الدين ابن السلطان غياث الدين السلجوقي، كان هو وأبوه مقهورين مع التتار له الاسم، ولهم التصرف، فقتلوه بسبب أنه وشى به، ونم عليه بأنه يكاتب الملك الظاهر، فقتلوه خنقاً، وأظهروا أنه رماه فرسه، ثم أجلسوا في الملك