وفيها توفي عبد بن حميد الكشي الحافظ أبو محمد صاحب المسند والتفسير.
وفيها توفي أبو حفص عمرو بن علي الباهلي البصري الصيرفي الفلاس الحافظ، أحد الأعلام. قال أبو زرعة ذلك من فرسان الحديث.
[خمسين ومائتين]
فيها توفي أبو الحسن أحمد بن محمد البزي المقرىء، مؤذن المسجد الحرام وشيخ الإقراء به رحمه الله تعالى.
وفيها توفي وقيل في سنة خمس وخمسين ومائتين الإمام أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني النحوي اللغوي المقرىء، صاحب المصنفات. أخذ العربية عن أبي عبيدة الأصمعي، وقرأ القرآن على يعقوب، وكتب الحديث على طائفة من المحدثين. ولما مات حاتم بلغت قيمة كتبه أربعة عشر ألف دينار، فوجه ابن السكيت من اشتراها بدون هذا قليلاً، وحابوه فيها. قال أبو حاتم المذكور: مر رجل براهب فقال له: عظني، قال: أعظكم وفيكم القرآن، ومنكم محمد صلى الله عليه وآله وسلم. قال: نعم، قال: فاتعظ ببيت شعر، قاله رجل منكم:
تجرد من الدنيا فإنك إنما ... خرجت إلى الدنيا وأنت مجرد
وفيها توفي عمرو بن بحر أبو عثمان الجاحظ البصري، وقيل بل في سنة خمس وخمسين، وهنالك يأتي ترجمته إن شاء الله تعالى.
وفيها توفي أبو عمرو نصر بن علي الجهضمي البصري الحافظ، أحد أوعية العلم. كان المستعين قد طلبه ليوليه القضاء فقال لأمير البصرة. حتى أرجع، فأستخر الله، فرجع وصلى ركعتين وقال: اللهم إن كان لي عندك خيراً فأقبضني إليك، ثم نام، فنبهوه فإذا هو ميت.
وفيها توفي الخليع الحسين بن الضحاك البصري الشاعر. كان حسن الإفتنان في ضروب الشعر وأنواعه، واتصل في مجالسه الخلفاء ما لم يتصل إليه أحد إلا إسحاق بن إبراهيم النديم الموصلي، فإنه قاربه في ذلك، وقيل ساواه. وأول من صحب منهم الأمين بن هارون الرشيد ثم هلم جراً إلى المستعين. وهو في الطبقة الأولى من الشعراء المجيدين،، بينه وبين أبي نواس مجازاة لطيفة ووقائع ظريفة، وسمي خليعاً لكثرة هجوته وخلاعته، ومن شعره:
أطلب بخدي وخديك تلق عجيباً ... من معان يحار فيها الضمير