سل المطر العام الذي عم أرضكم ... أجاء بمقدار الذي فاض من دمعي
إذا كنت مطبوعا على الصد والجفا ... فمن أين لي صبر فأجعله طبعي
[ثمان وأربعين وثلاث مائة]
فيها عمل الخطيب عبد الرحيم بن نباتة خطبة الجهاد، يحرض المسلمين على غزو الروم، وكانوا قد ظفروا بسرية فأسروها، وأسروا أميرها محمد بن ناصر الدولة بن حمدان، ثم أغاروا على الرها وحران، وقتلوا وسبوا، وكروا على ديار بكر.
وفيها توفي الفقيه الحافظ صاحب التصانيف، شيخ الحنابلة السجاد أحمد بن سليمان، وكان له حلقتان: حلقة للفتوى، وحلقة للإملاء. وكان رأساً في الفقه، ورأسا في الحديث، قيل: كان يصوم الدهر، ويفطر على رغيف، ويترك منه لقمة، فإذا كان ليلة الجمعة أكل تلك اللقم، وتصدق بالرغيف. قلت: ومثل هذا من الفقيه عزيز كثير، ومثله مذكور عن بعض أهل الرياضة من الفقراء المجردين الذي هو في حقهم قليل حقير.
وفيها توفي الشيخ الكبير أبو محمد جعفر بن محمد بن نصر، شيخ الصوفية ومحدثهم. سمع من أبي أسامة، وعلي بن عبد العزيز البغوي وطبقتهم، وصحب الجنيد وأبا الحسن النوري، وأبا العباس بن مسروق. وكان إليه المرجع في علم القوم وتصانيفهم وحكاياتهم، وحج ستاً وخمسين حجة، وعاش خمساً وتسعين سنة.
[تسع وأربعين وثلاث مائة]
فيها أوقع غلام سيف الدولة بالروم، فقتل وأسر، وفرح المؤمنون.
وفيها وقعت وقعة هائلة ببغداد بين أهل الستة والرافضة، وقويت الرافضة ببني هاشم ومعز الدولة، وعطلت الصلوات في الجوامع، ثم رأى معز الدولة المصلحة في القبض على جماعة من الهاشميين، فسكتت الفتنة.
وفيها حشد سيف الدولة، ودخل بلاد الروم، فأغار وفتك وسبى، ورجعت إليه جيوش الروم، فعجز عن لقائهم، فوفي ثلاثمائة، وذهبت خزانته، وقتل جماعة من أمرائه. وفيها كان إسلام الترك، قال ابن الجوزي أسلم من الترك مائتا ألف.