مرة ثانية، فاستوطنها ولم يفارقها بعد. وكانت بينه وبين الكامل بن شاور صحبة مؤكدة قبل وزارته، فلما وزر استحال عليه فكتب إليه:
إذا لم يسالمك الزمان فحارب ... وباعد إذا لم تنتفع بالأقارب
ولا تحتقر كبداً ضعيفاً فربما ... تموت الأفاعي من سموم العقارب
فقد هد قدماً عرش بليقس هدهد ... وخرب فأر قبل ذا سد مأرب
إذا كان رأس ألفال عمرك فاحترز ... عليه من الإنفاق في غير واجب
مع أبيات اخرى بالغة في الحسن، وقوله: من أمم هو بفتح الهمزة والميم الأولى، يقال: أخذت ذلك من أمم أي من قرب. قال زهير: وحيره ما هم لو أنهم أمم أي: لو أنهم بالقرب مني. والأمم أيضاً الشيء اليسير، يقال: ما سألت إلا أمماً. وأما الأمم بضم الهمزة في قوله: ظل على مفرق الإسلام والأمم فهو جمع أمة.
[سنة سبعين وخمس مائة]
فيها قدم صلاح الدين وأخذ دمشق بلا ضربة ولا طعنة، وسار الصالح اسماعيل في حاشيته إلى حلب، ثم سار صلاح الدين فحاصر حمص بالمجانيق، ثم سار فأخذ حماة، ثم حاصر حلب، ثم رد وتسلم حمص، ثم عطف إلى بعلبك فتسلمها، ثم كر والتقى صاحب الموصل مسعود بن مودود فإنهزم عسكر الموصل أسوأ هزيمة، ثم وقع الصلح. واستناب بدمشق أخاه سيف الإسلام، وكان بمصر أخوه العادل. وفيها توفي أحمد بن المبارك خادم الشيخ عبد القادر الذي كان يبسط المرقعة له على الكرسي. وفيها توفي القاضي علي بن عمر بن عبد العزيز بن قرة اليمني. كان حافظاً في التفسير واعظاً على المنابر، مقبول الكلمة في أهل بلده عارفاً بتأويل الرؤيا. قيل: إن رجلاً رأى في المنام الفقيه نعيماً العشاري الذي كان يحفظ عشرة علوم، فسأله عن رؤيا فقال: إن تأويل الرؤيا يا صرف عني إلى القاضي علي بن عمر. توفي في الطرية - بتشديد الياء المثناة من تحت وفتح الطاء المهملة وكسر الراء - قرية في ناحية مسجد الرباط من بلاد اليمن بساحل عدن.
[سنة احدى وسبعين وخمس مائة]
فيها شنق السلطان المبتدع ابن مهدي - الملقب نفسه عبد