ما تهتدي فيه ثواني سهلة ... وتريك ما لا تهتديه مطربا
في الكل فضل معجب لكنه ... في غير ممغوث تراه أعجبا
هذا إذا ما في الجمال تساويا ... ما اختص بعض منهلاً مستطيبا
أما إذا إحداهما في حسنها ... فاقت فلن فيما سواها ترغبا
إلا إذا اختصت ببعض مرغب ... كالدين أو مال وجاه أو صبا
مهلاً هديت الرشد يا من قلبه ... نحو الغواني والأغاني قد صبا
اعلم بأناكم نفيس مطية ... قد امتطينا واختبرنا المركبا
فالكل الفينا سراباً كالهبا ... في قاع دنيا حين جر الهبا
وإليه عن حصب رأى كم سالك ... في سفره ملنا تام المجدبا
فلا سراباً فيه ألقينا ولا ... سرنا فألقينا البهيج المخصبا
مع ما ارتكبنا من مخوف كالتي ... عن ركبها مالت اليه لتشربا
ظنته ماء فانتحته فلم تجد ... شيئاً وخافت عنده أن ينهبا
وهكذا الأيام تنهب عمرنا ... في غير خير يختشى أن تذهبا
[سنة سبع وتسعين ومائة]
فيها حوصر الأمين ببغداد وأحاط به طاهر بن الحسين وهرثمة بن أعين وزهير بن المسيب في جيوشهم، وقاتلت مع الأمين الرعية وقاموا معه قياماً لا مزيد عليه، ودام الحصار سنة، واشتد بالبلاء وعظم الخطب. وفيها توفي قاضي صنعاء هشام بن يوسف من أبناء الفرس، سمع معمراً وابن جريج، وأخذ عنه ابن المدائني، وهو من رواة الصحيحين.
وفيها توفي محدث الشام الإمام أبو محمد بقية بن الوليد الكلاعي الحمصي الحافظ رحمه الله. وفيها توفي شعيب بن حرب المدائني الزاهد، احد علماء الحديث. وفيها توفي الإمام العالم أبو سفيان وكيع بن الجراح، روى عن الأعمش قال أحمد: ما رأيت أوعى للعلم ولا أحفظ من وكيع، قلت وهو الذي أشار إليه القائل بقوله: