الأشعار، حافظاً لها، كثير العناية بها، حسن الضبط لها، مشهوراً بمعرفتها وإتقانها، أخذ الناس عنه كثيراً، وكانت الرحلة في وقته إليه، وقد أخذ عنه أبو علي الحسين بن محمد الغساني الجياني. وشرح كتاب الجمل للزجاجي، وشرح أبياته في كتاب مفرد، وكف بصره في آخر عمره، وإنما قيل له: الأعلم لأنه كان مشقوق الشفة العليا، ومن كان هكذا يقال له أعلم، فإن كان مشقوق الشفة السفلى قيل له: أفلح بالفاء والحاء المهملة بينهما لام وكان غيره: العباسي الفارسي المشهور بالشجاعة، يلقب الفلحاء لفلحة كانت به. وإنما ذهبوا به إلى تأنيث الشفة، كأنهم يعنون به صاحب الشفة الفلحاء، وكان سهيل بن عمرو القرشي رضي الله تعالى عنه أعلم، فلما أسر يوم بدر قال عمر رضي الله تعالى عنه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: دعني أنزع ثنيته، فلا يقوم عليك خطيباً أبداً، فقال عليه السلام: دعه، فعسى أن يقوم مقاماً تحمده، وكان من الخطباء الفصحاء، وهو الذي أبرم صلح الحديبية على يديه، ثم أسلم، وحسن إسلامه، ثم قام هو لما قبض النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطيباً بمكة، وسكن الناس، ومنعهم من الاختلاف بعد تشتت أمر الإسلام، وارتداد جماعة من العرب، وكان مقامه حينئذ لتثبيت الناس هو المقام المحمود، وإنما قال عمر رضي الله عنه فلا يقوم عليك خطيباً: لأنه إذا كان مشقوق الشفة العليا، ونزعت ثنيته تعذر عليه الكلام إلا بمشقة
[سبع وتسعين واربع مائة]
فيها نازلت الفرنج حران، فالتقاهم سقمان، ومعه عشرة آلاف، فانهزموا، وتبعهم الفرنج فرسخين، ثم نزل النصر وكر المسلمون، فقتلوهم كيف شاؤوا. وكان فتحاً عظيماً. وفيها توفي أحمد بن علي المعروف بابن زهر الصوفي البغدادي وفيها توفي القدوة الواعظ الزاهد اسماعيل بن علي النيسابوري، وفيها توفي شمس الملك ابن تاج الدولة السلجوقي. وكان مسجوناً ببعلبك، فذهب بجهله إلى صاحب القدس لكي ينصره، فلم يلو عليه، فتوجه إلى الشرق، فهلك. وفيها توفي أبو مكتوم عيسى ابن الحافظ أبي ذر عبد الله بن أحمد الهروي، ثم السروي الحجازي. روى عن أبيه صحيح البخاري. وفيها توفي مفتي الأندلس ومسندها محمد بن الفرج القرطبي المالكي، كان رأساً في العلم والعمل، قوالاً بالحق، رحل إليه الناس من الأقطار لسماع الموطأ والمدونة.