ومذ كفلت لي مأرب بمأربي ... فلست على آسوان يوماً بأسوان
وإن جهلت حقي زعانف خندف ... فقد عرفت فضلي غطارف همدان
فحسده ألفاعي وهو في مذهب الإسماعيلية الذي يدعو الخلق إلى متابعة الإمام المعصوم على زعمهم في عدن على ذلك، فكتب بالأبيات إلى صاحب مصر، فكانت سبب الغضب عليه، فأمسكه وأنفذه إليهم مقيداً مجرداً، وأخذ جميع موجوده، فأقام باليمن مدة، ثم رجع إلى مصر، فقتله شاور كما تقدم، وقوله:
وإن جهلت حقي زعانف خندف ... فقد عرقت فضلي غطارف همدان
يحتاج إلى تفسير لمن ليس باللغة خبيراً، أما الزعانف فهي بالزاي ثم العين المهملة وبين الألف والماء نون - وهي اطراف الأديم وأكارعه، وأما خندف وهي بكسر الماء المعجمة وقبل ألفال المهملة نون ساكنة وهي قبيلة تنسب إلى أمها امرأة ألفاس بن مضر، واسمها ليلى. والخندفة مشية كالهرولة، ويقال: خندف إلىجل، إذا مشى قألفا قدميه كأنه يغترف بهما، وأما غطارف فهو بالغين المعجمة والماء المهملة وإلىاء بعد الألف جمع غطريف، وهو السيد، وفرخ ألفازي، وقحطان قبيلة مسماة باسم جدها وهو أبو اليمن وهمدان بألفال المهملة وسكون الميم قبلها قبيلة من اليمن. وأما بالذال المعجمة وفتح الميم فبلد بالعجم. والغساني بفتح الغين المعجمة والسين المهملة المشددة نسبة إلى غسان، وهي قبيلة كبيرة من الازد، شربوا من ماء غسان، وهو باليمن فنسبوا إليه، ومنهم بنو جفنة رهط الملوك. ويقال غان اسم قبيلة، والأسواني نسبة إلى أسوان بضم الهمزة وسكون السين المهملة، وهي بلدة بصعيد مص.
[سنة اثنتين وستين وخمس مائة]
فيها سار أسد الدين السير الثاني إلى مصر ببعض جيش نور الدين، فنازل الجيزة شهرين، واستنجد وزيرمصرالفرنج، فدخلوا إلى النيل من دمياط، والتقوا، فانتصر أسد الدين، وقتل ألوف من الفرنج. قال ابن الأثير: هذه من أعجب ما أرخ أن ألفي فارس تهزم عساكر مصر والفرنج. ثم