وإنما قيل له حيص بيص لأنه رأى الناس يوماً في حركة مزعجة وأمر شديد فقال: ما للناس في حيص بيص؟! فبقي عليه هذا اللقب. ومعنى هاتين الكلمتين: الشدة والاختلاط. وفيها توفيت مسندة العراق شهدة بنت أبي نصر أحمد بن الفرج، الكاتبة العابدة الصالحة الدينورية الأصل، البغدادية المولد والوفاة. كانت من أهل كتبة الخط الجيد، وسمع عليها خلق كثير، وكان لها السماع العالي، ألحقت فيه الأصاغر بالأكابر، سمعت من أبي الخطاب نصر بن أحمد بن النضر وأبي عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة الثعالبي، وطراد بن محمد وآخرين واشتهر ذكرها وبعد صيتها، وكانت ذات بر وخير. والدينورية نسبة إلى دينور، قيل بكسر الدال المهملة. قال الحافظ أبو سعد السمعاني بفتحها. وقال ابن خلكان: الأصح الكسر: وهي بلدة من بلاد الجيل نسب إليها جماعة من العلماء. وفيها توفي القدوة المشار إليه بالصلاح والورع والعبادة وإجابة الدعوة أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري الأندلسي، قرأ العربية ولزم أبا بكر بن العربي مدة، وكان من أولياء الله تعالى الذين تذكر بالله رؤيتهم، وآثار مشهورة مشكورة، وكراماته موصوفة معروفة مع الحظ الوافر من الفقه والقراءات. وفها توفي السديد محمد بن هبة الله بن عبد الله السلماسي الفقيه الشافعي، كان إماماً في عسره، تولى الإعادة بالمدرسة النظامية ببغداد، وكان مسدداً في الفتيا، واتقن عدة فنون، وهو الذي شهر طريقة الشريف بالعراق، وقيل إنه كان يذكر بطريقة الشريف والوسيط والمستصفى للغزالي من غير مراجعة كتاب. قصده الناس من البلاد، واشتغلوا عليه، وانتفعوا به، وخرجوا علماء مدرسين مصنفين، من جملتهم الشيخان الإمامان عماد الدين محمد وكمال الدين موسى ولدا يونس، والشيخ شرف الدين أبو المظفر محمد بن علوان بن مهاجر وغيرهم من الأفاضل والسلماسي بفتح السين المهملة واللام والميم وبعد الالف سين ثانية نسبة الى سلماس: وهي مدينة من " بلاد آذربيجان، تخرج به جماعة مشاهير.
[سنة خمس وسبعين وخمس مائة]
فيها نزل صلاح الدين على بانياس، وأغارت سراياه على الفرنج، ثم أخبر بجمع الفرنج وتهيئهم للمجيء، فبادر في الحال وكبسهم، فإذا هم في ألف قنطارية وعشرة آلاف راجل، فحملوا على المسلمين فثبتوا لهم، ثم حمل المسلمون عليهم فهزموهم، ووضعوا فيهم السيف وأسروا مائتين وستين - أسيراً، منهم مقدم لهم، فاستفك نفسه بألف أسير،