كان قد أوصى أن لا يبنى على قبره. بل يدفن بين القبور، ويكتب على قبره: هذا قبر الفقير إلى رحمة الله تعالى يوسف بن محمد بن أبي بكر بن أيوب، ففعل ذلك، ثم إن عتيقه الصارم المسعودي الذي تولى القاهرة بنى عليه قبة، ولما بلغ الملك الكامل فعل الشيخ صديق، كتب إليه بشكره ويسأله أن يذكر له حوائجه ليقضيها، فلم يرد عليه جوابًا، وقال: ما أستحق شكراً إنما جهزت فقيراً.
[سنة سبع وعشرين وست مائة]
فيها حاصر جلال الدين والخوارزمية خلاط، وكان قد حاصرها من قبل أربع مرات هذه خامسها، ففتح له بعض الأمراء بشدة القحط على أهلها، وحلف لهم جلال الدين وغدر، وعمل أصحابه بها كما يعمل التتار من القتل، ثم رفعوا السيف، وشرعوا في المصادرة والتعذيب، وخاف أهل الشام وغيره من الخوارزمية، وعرفوا أنهم إن ملكوا أهلكوا أو لكل قبح فتكوا، فاصطلح الأشرف وصاحب الروم علاء الدين، واتفقوا على حرب جلال الدين، وساروا والتقوه في رمضان، فكسروه والحمد لله، واستباحوا عسكره، وهرب جلال الدين بأسوأ حال، فوصل إلى خلاط في سبعة أنفس، وقد تمزق جيشه، وقتلت أبطاله، فأخذ حرمه، وما خف حمله وهرب إلى أذربيجان، ثم أرسل إلى الملك الأشرف في الصلح وذل وأمنت خلاط وشرعوا في إصلاحها.
وفي السنة المذكورة توفي زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد الدمشقي الشافعي المعروف بابن عساكر، وكان صالحًا خيرًا، حسن السمت. روي عن أبي العشائر وطائفه، وتفقه على جمال الأئمة علي بن الناسح، وولي نظر الخزانة والأوقاف، ثم تزهد. وفيها توفي عبد السلام بن عبد الرحمن الصوفي البغدادي، سمع أبا الوقت وجماعة كثيرة وفيها توفي أبو محمد عبد السلام بن عبد الرحمن ابن الشيخ العارف بالله معدن الحكم والمعارف أبي الحكم بن برجان اللخمي المغربي، ثم الإشبيلي حامل لواء اللغة بالأندلس.
[سنةثمان وعشرين وست مائة]
. لما علمت التتار بضعف جلال الدين خوازرم شاه، بادروا لقتاله، فلم يقدم على لقائهم، فملكوا مراغه، وعاثوا ويدعوا وفرهوا إلى آمد، وتفرق جنده، فبيته التتار ليلة، فنجا بنفسه، وطمع الأكراد والفلاحون وكل واحد في جنده وتخطفوهم، وانتقم الله منهم