ذكره تنافس، وهجاه ابن التعاويذي بابيات أجاد فيها. ومن شعر ابن المعلم:
ردوا علي شوارد الأظعان ... ما الدار إن لم تغن من أوطاني
ولكم بذاك الجزع من متمتع ... هزت معاطفه بغصن البان
أبدى قلونه بأول موعد ... ومن الوفاء لنا بوعد ثان
فمتى اللقاء ودونه من قومه ... أبناء معركة وأسد طعان
تعلو الرماح وما أظن أكفهم ... خلقت لغير ذوابل المران
وتقلد وابيض السيوف فما ترى ... في الحي غير مهند وسنان
ولئن صددت، فمن مراقبة العدا ... ما الصد عن ملك ولا سلوان
يا ساكني نعمان أين زماننا ... بطويلع يا ساكني نعمان
وحكي عن ابن المعلم المذكور أنه قال: كنت ببغداد فاجتزت يوماً بالموضع الذي يجلس فيه الشيخ أبو الفرج بن الجوزي الواعظ، فرأيت الخلق مزدحمين، فسألت بعضهم عن سبب ازدحامهم فقال: هذا ابن الجوزي الواعظ جالس. - ولم أكن علمت بجلوسه - فزاحمت وتقدمت حتى شاهدته، وسمعت كلامه وهو يعظ حتى قال مستشهدا على بعض إشاراته؛ ولقد أحسن ابن المعلم حيث يقول:
يزداد في مسمعي تكرار ذكركم ... طيباً وبحسن في عيني تكرره
فعجبت من اتفاق حضوري واستشهاده بهذا البيت من شعري، ولم يعلم بحضوري لا هو ولا غيره من الحاضرين.
[سنة ئلاث وتسعين وخمس مائة]
فيها افتتح العادل يافا، وفيها أخذت الفرنج من المسلمين بيروت، وهرب أميرها الى صيدا. وفيها توفي سيف الإسلام الملك العزيز طغتكين بن أيوب بن شاذي صاحب اليمن. كان أخوه الملك الناصر صلاح الدين لما ملك الديار المصرية قد سير أخاه شمس الدولة إلى بلاد اليمن، فدخلها واستولى على كثير من بلادها ثم رجع عنها على ما هو مذكور في ترجمته في سنة ست وسبعين وخمسمائة، ثم سير السلطان صلاح الدين إليها بعد ذلك أخاه سيف الإسلام، وذلك في سنة سبع وسبعين وخمس مائة وكان رجلاً شجاعاً كريماً مشكور