كانت مساءلة إلىكبان تخبرني ... عن جعفر بن فلاح أحسن الخبر
حتى التقينا فلا والله ما سمعتأذني بأحسن مما قد رأى بصري
فقال العلامة الزمخشري: روي عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه لما قدم إليه زيد الخيل قال له:" يا زيد، ما وصف لي أحد في ألفاهلية ولا في الإسلام إلا رأيته دون ما وصف لي غيرك ". قال ابن الأنباري: فخرجنا من عنده، ونحن نعجب كيف يستشهد الشريف بالشعر، والزمخشري بالحديث، وهو رجل أعجمي، هذا معنى كلام ابن الأنباري، وكان أبو السعادات المذكور نقيب ألفالبين بالكرخ نيابة عن ولده، وله شعر حسن، من ذلك قوله:
هذه السديرة والغدير ألفافح ... فاحفظ فؤادك إنني لك ناصح
يا سدرة الوادي الذي إن ضله ... ألفاري هداه نشرها المتفاوح
هل عايد قبل الممات لمغرم ... عيش تقضى في ظلالك صالح
شط المنار به ونوئي منزلاً ... بصميم قلبك فهو دان نازح
غصن تعطفه النسيم وفوقه ... قمريحف به ظلام طايح
ولقد مررنا بالعقيق فشاقنا ... فيه مراتع للمها ومسارح
ظللنا به نبكي، فكم من مضمر ... وجداً أذاع هواه دمع سافح
قلت ضله ألفاري رأيته الصواب، وفي الأصل المنقول منه: الوادي، ثم وجدته في نسخه أخرى كما ذكرت من الصواب. وهذه أبيات من قصيدة له في مدح الوزير المظفر بن علي الملقب بنظام الدين.
[سنة ثلاث واربعين وخمس مائة]
في ربيع الأول منها نازل الفرنج دمشق في عشرة آلاف فارس وستين ألف راجل، فخرج المسلمون من دمشق، وكانوا مائة وثلاثين ألف راجل وعسكر البلد، فاستشهد نحو مائتين، ثم برزوا في اليوم الثاني، فاستشهد جماعة، وقتل من الفرنج عدد كثير. فلما كان في اليوم الشامس وصل غازي وأخوه نور الدين في عشرين ألفا إلى حماه. وكان أهل دمشق في الاستغاثة والتضرع إلى الله تعالى، وأخرجوا المصحف العثماني إلى صحن الجامع، وضج النساء والأطفال مكشفين إلىؤوس، وصدقوا الافتقار إلى الله عز وجل