لأنه كان يفري الكلام، ذكر ذلك الحافظ السمعاني في كتاب الأنساب.
وذكر أبو عبيد الله المرزباني أن والد الفراء كان أقطع، لأنه حضر وقعة الحسين بن علي رضي الله عنهما، فقطعت يده في تلك الحرب.
[ثمان ومائتين]
فيها توفي أبو عبد الله هارون بن علي بن يحيى بن أبى منصور المنجم البغدادي الأديب الفاضل، كان حافظاً راوية الأشعار، وحسن المنادمة، لطيف المجالسة، صنف " كتاب البارع " في أخبار الشعراء، والذي جمع فيه مائة وإحدى وستين شاعراً، وافتتحه بذكر بشار وختمه بمحمد بن عبد الملك بن صالح واختار في من شعر كل واحد عيوبه، وأثبت منها الزبد دون الزبد، إلى غير ذلك من الكتب.
وفيها توفي سعيد بن عامر الضبعي البصري أحد الأعلام في العلم والعمل.
وفيها توفي الأمير الفضل بن الربيع، صاحب الرشيد لما أراد أن يروم التشبه بهم ومعارضتهم، ولم يكن له من القدرة ما يدرك به اللحاق بهم، وكان في نفسه منهم أحناء وشحناء.
ويحكى أن الفضل بن الربيع دخل يوماً على يحيى بن خالد البرمكي وقد جلس لقضاء حوائج الناس، وبين يديه ولده جعفر يوقع في القصص، فعرض عليه الفضل عشر رقاع للناس، فتعلل يحيى في كل رقعة بعلة، ولم يوقع في شيء منها البتة، فجمع الفضل الرقاع وقال: ارجعن خائبات خاسئات، ثم خرج وهو يقول:
فتقضى لبانات وتسعى حسائف ... ويحدث من بعد الأمور أمور
قوله حسائف: جمع حسيفة " بالحاء والسين المهملتين والفاء " وهي: الطفيفة. فسمعه يحيى، وهو ينشد ذلك، فقال له: عزمت عليك يا أبا العباس إلا رجعت، فرجع، فوقع له في جميع الرقع، ثم ما كان إلا قليلاً حتى نكبوا على يديه، وكان أبوه وزيراً للمنصور،