قريش مروءة وعلماً وشرفاً وديناً وقدراً وجاهاً، وكان نسابة قريش.
وفيها توفي وزير المأمون الحسن بن سهل، وقد تقدم دخول المأمون بابنته بوران، الكلفة التي احتملها والدها، وكان أخوه الفضل وزيراً قبله، وكان الحسن عالي الهمة كثير فعطاء للشعراء وغيرهم، قصده بعض الشعراء وأنشده:
تقول خليلي لما رأيتني ... أشد مطيتي من حلل
أبو الفضل أين ترتحل المطايا ... فقلت نعم إلى الحسن بن سهل
قلت: لقد تناسب لفظ هذا البيت ومعناه، أعني، لفظ سهل، مع سهولة النظم سلاسته، وسهولة الخلق المذكور في نيل المقصود منه، مناسبة هذه السهولة لفظ اسمه، اجتمعت السهولة في ثلاث: في المدح واسم الممدوح وخلقه، فأعطى قائلها المذكور عطاء جزيلاً، وخرج يوماً مع المأمون يشيعه، فلما عزم على مفارقته قال له المأمون: يا أبا محمد ألك حاجة؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، تحفظه علي من قلبك ما لا أستطيع حفظه إلا بك.
وقال بعضهم: حضرت مجلس الحسن بن سهل، وقد كتب لرجل شفاعة، فجعل رجل يشكر، فقال الحسن: يا هذا علام تشكرنا. إنا نريد الشفاعات زكوة مروءتنا، بلغني أن الرجل يسأل في القيامة عن فضل جاهه، كما يسأل عن فضل ماله، ولم يزل على وزارة مأمون إلى أن ثارت عليه المرأة السوداء، لكثرة خدمة أخيه الفضل لما قيل، كما تقدم في ترجمته سنة اثنتين ومائتين.
وفي سنة ست وثلاثين أيضاً توفي هدبة " بالموحدة " ابن خالد العبسي البصري حافظ، قال عبدان: كنا لا نصلي خلف هدبة مما يطول، كان يسبح في الركوع والسجود نيفاً وثلاثين تسبيحة.
[سبع وثلاثين ومائتين]
فيها غضب المتوكل على أحمد بن أبي دؤاد القاضي وأهله، وصادرهم وأخذ منهم ستة عشر ألف درهم.
وفيها توفي الشيخ الجليل المكرم العارف بالله حاتم الأصم الناطق بالمعارف المواعظ والحكم، المكنى والملقب حين انفجرت فيه ينابيع الحكمة بأبي عبد الرحمن لقمان هذه الأمة. قلت: وقضته في الوعظ مع قاضي الري محمد بن مقاتل مشهورة،