أرى أم صخر لا تمل عيادتي ... وملت سليمى مضجعي ومكاني
وما كنت أخشى أن أكون جنازة ... عليك، ومن يغتر بالحدثان
لعمري لقد نبهت من كان نائماً ... وأسمعت من كانت له أذنان
وأي امرىء ساوى بأم جليلة ... فلا عاش إلا في شقى وهوان
أهم بأمر الحزم لو أستطيعه ... وقد حيل بين العير والنزوان
فللموت خير من حياة كأنها ... معرس يعسوب برأس سنان
[ثلاث وثمانين وثلاثمائة]
فيها توفي أبو محمد بن حزم بن الفرضي: كان جليلاً زاهداً شجاعاً مجاهداً، ولاه المستنصر القضاء فاستعفاه، وكان فقيهاً صلباً ورعاً، وكان يشبهونه بسفيان الثوري في زمانه.
وفيها توفي الزاهد الواعظ شيخ الكرامية، ورأسهم بنيسابور إسحاق بن حمشاد.
قال الحاكم: كان من العباد المجتهدين، يقال أسلم على يديه أكثر من خمسة آلاف، قال: ولم أر بنيسابور جنازة أكثر جمعاً من جنازته.
وفيها توفي محمد بن العباس الخوارزمي الشاعر المشهور ابن أخت محمد بن جرير الطبري العلاة المشكور، كان إماماً في اللغة والأنساب والأشعار. من الشعراء المجيدين الكبار.
يحكى أنه قصد حضرة الصاحب بن عباد، فلما وصل بابه قال لبعض حجابه: قل للصاحب: على الباب أحد أرباب الأدب، وهو يستأذن في الدخول، فدخل الحاجب فأعلمه بما قد تكلمه، فقال الصاحب: قل له: قد ألزمت نفسي ألا يدخل علي من أولي الأدب إلا من يحفظ عشرين ألف بيت من شعر العرب، فخرج إليه الحاجب، فأعلمه بما قال، فقال ارجع إليه وقل له: من شعر النساء أم من شعر الرجال؟ فدخل الحاجب، وأعاد عليه ذلك القول، فأذن الصاحب له حينئذ في الدخول، فدخل عليه، فعرفه، وانبسط في الكلام معه وله ما حوى من الفضائل ديوان شعر وديوان رسائل. من نظمه المشتمل على المعاني