ومولدها فلم أجد أقرب تبويب، ولا أحسن ترتيب، مما بويه، ورتبه أبو تمام حبيب بن أوس في كتابه المعروف بكتاب الحماسة، وحسن الإقتداء به والتوخي لمذهبه، لتقدمه في هذه الصناعة، وانفراده منها في أوفر حظ، وأنفس بضاعة، فاتبعت في ذلك مذهبه، ونزعت منزعه، وقرنت الشعر بما يجانسه، ووصلته بما يناسبه، ونقحت ذلك، واخترته على قدر استطاعتي، وبلوغ جهدي وطاقتي.
ومما نقل في كتابه المذكور قول العباس بن الأحنف المشهور:
تحمل عظيم الذنب ممن تحبه ... وإن كنت مظلومًا فقل: أنا ظالم
فإنك إن لم تغفر الذنب في الهوى ... يفارقك من تهوى وأنفك راغم
وقول الوافرالدمشقي هكذا. وقال ابن خلكان: وظني أنها لأبي فراس ابن حمدان:
بالله ربكما عوجا على سكني ... وعاتباه لعل العتب يعطفه
وعرضا لي وقولا في حديثكما ... ما بال عبدك بالهجران تتلفه
فإن تبسم قولاً في ملاطفة ... ما ضر لو بوصال منك تسعفه
وإن بدا لكما من سيدي غضب ... فغالطاه، وقولا: ليس نعرفه
[وقول المجنون:]
تعلقت ليلى وهي عني صغيرة ... ولم يبد للأتراب من ثديها عجم
صغيرين ندعى البهم بالبيت أننا ... إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم
البهم الصغار من أولاد الضأن، الواحد بهمة، بفتح الموحدة وسكون الهاء. وما تقدم في ترجمة ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، ومما ينسب إليه أنه قال حين كف بصره:
إن يأخذ الله من عيني نورهما ... ففي لساني وقلبي منهما نور
قلبي ذكي وذهني غير في دخل ... وفي فمي صارم كالسيف مطرور
[سنة أربع وخمسين وست مائة]
فيها كان ظهور النار بظاهر المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، وكانت