يعني أن الأبيات المذكورة هنا أربعة وأربعون مختصرة من قصيدة له مشتملة على سبعة وسبعين بيتاً. توفي الحريري رحمه تعالى الله في السنة المذكورة، وقيل في سنة خمسين بالبصرة في سكة بني حرام، فنسب إليهم من هذه السكة التي سكن بها، وكانت ولادته في سنة ست وأربعين وأربعمائة. والمشان بفتح الميم والشين المعجمة، بعد الألف نون: بليدة فوق البصرة، كثيرة النخل، شديدة الوخم، وكان أصل الحريري منها، ويقال إنه كان له ثمانية عشر ألف نخلة، وكان فاضلاً نبيلاً جليل القدر، له تاريخ لطيف سماه: صدور زمان القبور وقبور زمان الصدور، نقل منه العلماء والأصبهاني في كتاب: نصرة الفترة وعصرة الفترة الذي ذكر فيه أخبار الدولة السلجوقية نقلاً كثيراً وفيها توفي الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد الأصبهاني الدقاق، كان محدثاً أثرياً فقيراً متقللاً
[سنة سبع عشرة وخمس مائة]
في أولها التقى الخليفة المسترشد بالله ودبيس الأسدي، وكان دبيس قد طغى وتمرد، ووعد عسكره بنهب بغداد، وجرد المسترشد يومئذ سيفه، ووقف على تل، فانهزم جمع دبيس، وقتل خلق منهم، وقتل من جيش الخليفة نحو عشرين رجلاً، وعاد مؤيداً منصوراً وذهب دبيس فعات ونهب وقتل في نواحي البصرة. وفيها توفي ابن الخياط الشاعر المشهور: أبو عبد الله أحمد بن محمد التغلبي الدمشقي الكاتب، كتب أولاً لبعض الأمراء، ثم مدح الملوك والكبار، وبلغ في النظم الذروة العليا، أخذ عن أبي فتيان بن الجيوش، وعنه أخذ ابن القيرواني، قال السلفي: كان شاعر الشام في زمانه. وفيها توفي الحافظ الكبير أبو نعيم عبد الله بن أبي علي الحداد، مؤلف أطراف الصحيحين، كان عجباً في الإحسان إلى الراحلة وإفادتهم مع الزهد والعبادة والفضيلة التامة.