وفي السنة المذكورة توفي أبو الحسن البصري المتكلم محمد بن علي شيخ المعتزلة، والذي قبله أعني الشريف المرتضى شيخ الشيعة من كبار أئمتهم. وأبو الحسين من كبار أئمة المعتزلة، جيد الكلام، حسن العبارة، غزير المادة، وله التصانيف الفائقة في أصول الفقه، منها المعتمد وهو كتاب كبير نفيس، ومنه ومن المستصفى الإمام أبي حامد الغزالي استمد فخر الدين الرازي في تصنيف كتابه المحصول ولأبي الحسين تصفح الأدلة، وعزير الأدلة، وله شرح الأصول الخمسة وله كتاب في الإمامة وغير ذلك. وفيها توفي أبو عبد الله الصيمري الفقيه أحد أئمة الحنفية.
[سنة سبع وثلاثين واربع مائة]
فيها توفي شيخ الأندلس وعالمها ومقرئها وخطيبها أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي، كان من أهل التبحر في العلوم كثير التصانيف، وكان مشهوراً بالصلاح وإجابة الدعوة رحمه الله تعالى ومما روي في إجابة دعوته أنه كان إنسان يتسلط عليه، ويحصي عليه سقطاته وكان الشيخ كثيراً ما يتلعثم، ويتوف، فحضر ذلك الرجل في بعض الجمع، وجعل يحد النظر إلى الشيخ، ويغمزه، فلما خرج مضى، ونزل في الموضع الذي كان يقرأ فيه، ثم قال لنا: أمنوا على دعائي، ثم رفع يديه وقال: اللهم اكفنيه؛ قال: فأمنا فأقعد ذلك، وما دخل الجامع بعد ذلك اليوم. وله تصانيف كثيرة نافعة، فمنها الهداية إلى بلوغ النهاية في معاني القرآن الكريم، وتفسيره وأنواع علومه، وهو سبعون جزءاً، ومنتخب الحجة لأبي علي الفارسي ثلاثون جزءاً، وكتاب التبصرة في القراءات في خمسة اجزاء وهو من أشهر تواليفه - وكتاب الكشف عن وجوه القراءات وعللها عشرون جزءاً، وكتاب الوقف في كلا وبلى في القرآن جزءان، وكتاب تنزيه الملائكة عن الذنوب، وفضلهم على بني آدم جزء، وكتاب اختلاف العلماء في الروح والنفس جزء، وكتاب شرح التمام والوقف أربعة أجزاء وغير ذلك، ومجموع تصانيفه نحو من أربعين مصنفاً، بعضها مشتمل على أجزاء كثيرة. وفيها توفي الإمام الأوحد القاسم بن محمد بن عبد الله القرشي الجمحي، من أهل شمعة من بلاد اليمن. لما تفرقت قريش عن الحجاز سكن قوم منهم بسهفنة، وكان هو وأهله منهم، ومات فيها، وهو الذي انتشر عنه مذهب الشافعي في نواحي الجند وصنعاء