كان الذهب في داره بالقفاف، وكان كثير المعروف والصلاة.
وفيها توفي الحافظ أبو الحسن عبد الباقي ين قانع بن مرزوق، صنف التصانيف.
وفيها توفي أبو بكر النقاش، محمد بن الحسن الموصلي ثم البغدادي المقرىء المفسر صاحب التصانيف في التفسير والقراءات.
[اثنتين وخمس وثلاث مائة]
فيها يوم عاشوراء، ألزم معز الدولة أهل بغداد النوح والمأتم، وأمر بغلق الأبواب، وعلقت عليها المسوح، ومنع الطباخين من عمل الأطعمه، وخرجت نساء الرافضة منشرات الشعر، مسمحات الوجوه، يلطمن ويفتن الناس. قيل: وهذا أول ما نيح عليه.
وفيها يوم ثامن عشر في الحجة الرافضة عيد الغدير: غدير خم بضم الخاء المعجمة، ودقت الكوسات، وصلوا بالصحراء صلاة العيد.
وفيها أو في التي قبلها توفي الوزير المهلبي الحسن بن محمد، على الخلاف المتقدم، وكان وزير معز الدولة بن بويه بضم الموحدة وفتح الواو وسكون المثناة من تحت وفي آخره هاء الديلمي، وكان من ارتفاع القمر واتساع الصدر وعلو الهمة وفيض الكف، على ما هو مشهور به، وكان في غاية الأدب والمحبة لأهله وكان قبل اتصاله بمعز الدولة في شدة عظيمة من الضرورة، ولقي في سفره مشقة صعبة، اشتهى اللحم، فلم يقدر عليه فقال ارتجالاً:
ألا موت يباع فأشتريه ... فهذا العيش ما لا خير فيه
ألا موت لذيذ الطعم يأتي ... يخلصني من الموت الكريه
إذا أبصرت قبراً من بعيد ... فودي أنني مما يليه
ألا رحم المهيمن نفس حر ... تصدق بالوفاء على أخيه
وكان بمصر له رفيق يقال له أبو عبد الله الصوفي، وقيل أبو الحسن العسقلاني، فلما
سمع الأبيات اشترى له بدرهم لحماً، وطبخه وأطعمه، وتفارقا، وتنقلب بالمهلبي الأحوال، وتولى الوزارة ببغداد لمعز الدولة، وضاقت الأحوال برفيقه في السفر، الذي اشترى له اللحم، وبلغه وزارة المهلبي، فقصده، وكتب إليه.
ألا قل للوزير فديت نفسي ... مقالة مذكر ما قد نسيه
أتذكر إذ تقول لضيق عيش ... ألا موت يباع فأشتريه.
فلما وقف عليها تذكره وهوته أريحية الكرم، فأمر له في الحال بسبعمائة درهم