ترعت فيا في حي حلي وكم لها ... ترو بذاك الحي من عذاب مورد
تريع غواشي الملك للغين مبدلاً ... عن الطلبهاكم من فؤاد مقيد
تصيد ولا تصطاد في شرك الهوى ... فأعجب بمصطاد لها متصيد
شروداً بقلب الصب في فلواتها ... بوارد حال للغزال مشرد
ويا حبذا يوماً على الصب عطفه ... به بعد صد من وصال مودد
ويوماً به منها افتتاح زيارة ... وصحبتها من غير تقديم موعد
ويوماً على الهجران منها بشارة ... بتحصيل ما مول لقلب مبرد
فهاتان مع حبي حساناً سواهما ... ملاح الحلي كم فائق الحسن أغيد
هما سبياني في قديم وحادث ... بما لوراه عاذلي ومفندي
لبادر في عذري وخلع عذاره ... بحبهما مثلي ولم يتردد
إلى كم أوري غيره وتسترا ... ولوح الهوى كم فيه عهد مؤكد
خليلي ما ريم عدت وحمامة ... شدت ما به موهت ليس بمقصد
ولكن أكنى عن مليحي حماهما ... وعصرهما بدري دياج لمهتد
جمال الهدى البصال شيخي وسيدي ... إمام الأنام الزاهد المتعبد
مليح الحلي زاهي المحاسن ذي العلى ... وساني الورى نغماً كدر منضد
ونور الهدى بحر المعارف والندى ... خزانة أسرار وسيف مهند
دليل طريق السالكين إلى العلى ... على حضرة يحظى بها كل مسعد
علي بن عبد الله ذي السعد والعطا ... إمامي وأستاذي وشيخي وسيدي
مسقى بكأس الحب في قدس حضرة ... مداماً بها من سكرها كم معربد
قلت: وقد اقتصرت في هذه الأبيات الأحد والأربعين من قصيدة لي ثلاث مائة، وبضع عشر بيتاً ذكرت فيها مائة من أجلاء الشيوخ الأكابر، العارفين بالله أولي الأبصار والبصائر، والمقامات العاليات والمفاخر، صدرتهم بشيخي المذكورين البدرين، وأودعتها ديواني الموسوم بكتاب الدرر في مدح سيد البشر، ومدح الأولياء الغرر، وفي الوعظ والعبر، وعلوم فضلها اشتهر، وسميتها بلبل الإطراب، وحلاوة الحلاب، في ذكر الفراق والمدح للأولياء الأحباب، وترجى لقائهم في دار النعيم والثواب بفضل الله الكريم الوهاب.
[سنه تسع وأربعين وسبع مائة منال]
فيها توفي الإمام العلامة، البارع المتفنن، المفيد القرشي المصري الشافعي المدرس المفتي شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان المعروف بابن عدلان، سمع الحديث من جماعة منهم الحافظ أبو محمد الدمياطي، وأبو الحسن ابن الصواف الشاطبي وغيرهما،