وفيها توفي أبو القاسم الثمانيني الموصلي الضريري النحوي، أحد أئمة العربية بالعراق. أخذ عن ابن جني، وتصدر للإفادة، وصنف شرحاً للمع كتاب النحو، وشرحاً للتصريف. والواعظ أبو طاهر بن العلاف محمود بن علي البغدادي.
[سنة ثلاث واربعين واربع مائة]
فيها زال الأنس بين السنية والشيعية، وعادوا إلى أشد ما كانوا عليه من الشر والفتن، وأحكم الرافضة سور الكرخ، وكتبوا على الأبراج: محمد وعلي خير البشر، فمن رضي فقد شكر، ومن أبى فقد كفر، واضطرمت نار الفتنة، وأخذت ثياب الناس في الطرق، وغلقت الأسواق، واجتمع للسنية جمع لم ير مثله، وهجموا دار الخلافة، فوعدوا بالخير. وثار أهل الكرخ، فالتقى الجمعان، فقتل جماعة، ونبشت عدة قبور للشيعة، وأحرقوا. وتم على الرافضة خزي عظيم، فعمدوا إلى خان الحنفية، فأحرقوه، وقتلوا مدرسهم أبا سعيد السرخسي رحمه الله تعالى. وفيها توفي أبو القاسم علي بن أحمد الفارسي: مسند الديار المصرية، أكثر عن أبي أحمد بن الناصح والذهلي.
[سنة أربع وأربعين وأربع مائة]
فيها هاجت الفتنة ببغداد، واستعرت نيرانها، وأحرقت عدة حوانيت، وكتب أهل الكرخ على أبواب مساجدهم: محمد وعلي خير البشر. وأذنوا بحي على خير العمل، فاجتمع غوغاء أهل السنة، وحملوا حملة حربية على الرافضة، فهرب النظارة، وازدحموا في درب ضيق، فهلك ست وثلاثون امرأة وستة رجال وصبيان، وطرحت النيران في الكرخ، وأخذوا في تحصين الأبواب والقفال، والتقوا في سادس من ذي الحجة، فجمع الطقطقي بالقاف بين الطائين المهملتين طائفة من الأعوان، وكبس جهة من الكرخ، وقتل رجلين، ونصب رأسيهما على مسجد العلائين. وفيها عمل محضر كثير ببغداد، وتضمن القدح في نسب بني عبيد الخارجين بالمغرب ومصر، وأن أصلهم من اليهود، وأنهم كاذبون في انتسابهم إلى جعفر الصادق رضي الله