وكانت وفاة الشيخ ياسين المذكور في شهر ربيع الأول، وقد قارب الثمانين نفعنا الله به، وبجميع الصالحين آمين.
وفيها توفي ابن النفيس العلامة علاء الدين علي بن أبي الحزام القرشي الدمشقي شيخ الطب بالديار المصرية، وصاحب التصانيف، وأحد من انتهت إليه معرفة الطب مع الذكاء المفرط، والذهن الخارق، والمشاركة في الفقه والأصول والحديث والعربية والمنطق.
[سنة ثمان وثمانين وست مائة]
في ربيع الأول منها نزل السلطان الملك المنصور مدينة طرابلس، ودام الحصار والقتال، ورمى بالمجانيق والكبار، وحفر النقوب ليلاً ونهاراً إلى أن افتتحها بالسيف في رابع ربيع الآخر، وغنم المسلمون أموالاً لا تحد ولا توصف، وكان سورها منيعاً قليل المثل، وهي من أحسن المدائن وأطيبها، فأخربها وتركها خاوية على عروشها، ثم أنشأوا مدينة على ميل من شرقيها، وجاءت ردية الهوا والمزاج على ما ذكر بعضهم.
وفيها يوم عرفة توفي الشيخ العماد أحمد بن العماد إبراهيم المقدسي الصالحي، سمع من جماعة، واشتغل وتفقه، ثم تفقر وتجرد وصار له أتباع ومريدون طعن فيهم الذهبي، والله أعلم.
وفيها توفي العلم ابن الصاحب أبو العباس أحمد بن يوسف المصري اشتغل ودرس وتميز، ثم تفقر وتجرد وغض منه الذهبي أيضاً، ثم قال: ونوادره مشهورة، وروائده حلوة، وله أولاد رؤساء.
وفيها توفيت زينب بنت مكي الحراني ابن علي ابن الكامل، الشيخة المعمرة العابدة أم أحمد، سمعت من حنبل، وابن طبرزد، وست الكتبة وطائفة، وازدحم عليها الطلبة، وعاشت أربعاً وستين سنة.
وفيها توفي الفخر البعلبكي المفتي عبد الرحمن بن يوسف، سمع من القزويني وابن الزبيدي، وجماعة، وتفقه بدمشق على النقي بن العز وغيره، وعرض كتاب علوم الحديث على مؤلفه الشيخ الإمام ابن الصلاح، وأخذ الأصول عن السيف الآمدي، وتخرج به