والأطناب حرير، وفي الخدمة ملوك العجم، وما وراء النهر، وهو شاب عليه شعرات قاعد على تخت، وعليه قباء يساوي خمسة دراهم، وعلى رأسه قلنسوة جلد يساوي درهمًا، فسلمت فما رد ولا أمرني بالجلوس، فخطبت وذكرت فضل بني العباس، وأطنبت في فضل الخليفة والترجمان يخبره، فقال: قل له هذا الذي تصفه ما هو في بغداد، بل أنا أجيء وأقيم خليفة هكذا، ثم ردنا بلا جواب واتفق أن نزل بهمدان ثلج عظيم أهلك خيلهم، وركب هو يوماً فعثر به فرسه، فتعطب، وقلت الأقوات على جيوشه ولطف الله فردوا.
وفيها تخربت الفرنج على الملك العادل، ونزلوا على عين جالوت، وقطعوا الشريعة، وسبوا اليزك بالمثناة من تحت والزاي يعني الجرس وعانوا في البلاد، وتهيأ أهل دمشق للحصار، واستحث العادل ملوك النواحي على النجدة، فرجعت الفرنج بالغنائم والسبي إلى نحو عكا، هكذا أذكره الذهبي عكا بالألف وكانوا خمسة عشر ألفًا.
وفيها توفي العماد المقدسي إبراهيم بن عبد الواحد أخو الحافظ عبد الغني قيل: وكان صواماً قوامًا، صاحب أحوال وكرامات، سمحًا متفضلاً ورعًا متواضعًا.
وفيها توفي قاضي القضاة عبد الصمد بن محمد الأنصاري الخزرجي الدمشقي الشافعي، سمع من الكبار، ودرس وأفتى وبرع في المذهب وانتهى إليه علو الإسناد، وكان صالحًا عبادًا من قضاة العدل.
[سنة خمس عشرة وست مائة]
فيها الملك الأشرف موسى كسر ملك الروم كيكاوس، ثم أخذ عسكره وعسكر حلب، خل بلاد الفرنج ليشغلهم عن دمياط، فأقبل صاحب الروم لأعمال حلب، وأخذ بعض نواحيها، فقصده الملك الأشرف، وقدم بين يديه العرب، فكسروا والروم، وهزموهم. وفيها التقى الملك المعظم الروم، فكسرهم، وقتل خلقًا وأسر مائة فارس، ولكنه تمقت إلى الناس بإدارة المكوس والجبايات بدمشق، واعتذر لما عنفوه بقلة المال، وخرب بايناس، وبعض البلاد مما يلي تلك الجهة، وكانت قفلاً للشام، وزعم أنه فعل ذلك خوفاً من استيلاء الفرنج، وكذلك خرب قلعة منيعة كان قد أنشأها على الطور، وعجز عن حفظها لإحتياجها إلى المال والرجال.