فيها استسقى عمر بالعباس رضي الله عنهما، وقال ما معناه: اللهم أنا كنا إذا قحطنا توسلنا إليك بنبينا صلى الله عليه وآله وسلم فتسقينا، وإنا نتوسل إليك اليوم بعم نبينا فاسقنا. فسقوا، ثم خرج عمر فيها إلى جهة الشام ورجع لما سمع بالطاعون، بعد ان اختلف المسلمون في ذلك، فأشار عليه بعضهم بالقدوم وأشار بعضهم بالرجوع، فلما عزم على الرجوع قال له أبو عبيدة: افراراً من قدر الله تعالى؟ فقال: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة. نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله. ثم ضرب له مثلاً في ذلك معناه أن موضع الخصب يرعى وفي يرغب وموضع الجدب لا يقرب، ثم جاء عبد الرحمن بن عوف، روى لهم حديثاً موافقاً لرأي عمر، معناه أنه لما سمع بالوباء بأرض لا يقدم عليه، وإذا وقع بأرض هو فيها لا يخرج منها، ففرح عمر بذلك، وحمد الله تعالى إذ وافق رأيه الحديث المذكور، وهذا كله معنى الحديث الصحيح الوارد في ذلك. وفي السنة المذكورة زاد عمر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفيها افتتح أمير البصرة أبو موسى الأشعري الأهواز، وفيها كانت وقعة جلولاء، وقتل فيها من المشركين مقتلة عظيمة، وبلغت الغنائم فيها ثمانية عشر ألف ألف، وقيل ثلاثين ألف ألف، وفيها تزوج عمر رضي الله عنه بأم كلثوم بنت فاطمة الزهراء، رضي الله عنهما.
[السنة الثامنة عشرة]
فيها طاعون عمواس بالعين والسين المهملتين وفتح الأحرف الثلاثة الأولى في ناحية الأردن فاستشهد فيها أبو عنيدة بن الجراح القرشي الفهري أمين هذه الأمة وأمير أمراء الشام، وهو ممن شهد بدراً وما بعدها من المشاهد، وهو الذي انتزع من وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حلقتي الدرع، والمراد به المغفر ومن مناقبه العظيمة: قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إن لكل أمة أميناً وإن أمينك أيتها الأمة أبو عبيدة بن الجراح ". حديث صحيح. وكان من أجمل الناس وجهاً وأشجعهم قلباً، شهد مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعض الغزوات، وحجة الوداع، وأردفه خلفه. وممن استشهد فيه أيضاً الفضل بن عباس، ومعاذ بن جبل الأنصاري الخزرجي.