للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المذكورة إلا بملك منها يزهد ويسلك طريق ابن أدهم المشكور. فاهتموا لحصول ملك يزهد في الدنيا من ملوك المغرب ليعارضوا به ابن أدهم على المنصب، فجاء الشيخ الكبير الولي الشهير أبو ابراهيم بن أدهم إلى أمير المؤمنين - يعقوب المذكور فيما تقدم - واجتمع به، فسر يعقوب بذلك، وأخرج له من خزائنه جواهر نفيسة إكراماً له في مجيئه إليه، فالتفت أبو ابراهيم إلى شجرة هنالك وإذا هي حاملة جواهر تدهش العقول، فدهش أمير المؤمنين يعقوب، وهاله ما رأى من تصريف عباد الله في ملك الله، وما أكرمهم به ووالاهم، ورفع قدرهم وأعلاهم، حتى صارت ملوك الدنيا بين أيديهم كالخدم، وملكهم حقير كالعدم. فعند ذلك احتقر يعقوب ما هو فيه من ملك الدنيا، فزهد فيه، وصار من كبار الأولياء.

[سنة ست وتسعين وخمس مائة]

فيها تسلطن علاء الدين خوارزم شاه محمد بعد موت أبيه. وفيها كانت محاصرة دمشق. وبها العادل، وعليها الأفضل والظاهر ابنا صلاح الدين وعساكرهما نازلة، قد خندقوا عليهم من أرض اللوان إلى بلد آخر، فأمن من كبسة عسكر العادل، ثم ترحلوا عنها، ورجع الظاهر إلى حلب، وسار الأفضل إلى مصر، فساق وراءه العادل وأدركه عند العراب، ثم تقدم عليه وسبقه إلى مصر، فرجع الأفضل خائباً إلى صرخد - بالخاء المعجمة - وغلب العادل على مصر وقال: هذا صبي. وقطع خطبته، ثم أحضر ولده الكامل وسلطنه على الديار المصرية، فلم ينطق أحد من الأمراء. وسهل له ذلك اشتغال أهل مصر بالقحط، فإن فيها كسو النيل من ثلاثة عشر ذراعاً إلى ثلاثة أصابع، واشتد الغلاء وعدمت الأقوات، وشرع الوباء وعظم الخطب إلى أن آل بهم الأمر إلى أكل الآدميين الموتى. وفيها توفي العلامة أبو اسحاق العراقي ابراهيم بن منصورالمصري الخطيب، شيخ الشافعية بمصر. شرح كتاب المهذب في عشرة أجزاء شرحاً جيداً. قلت: وهذا المذكور أول شراح المهذب، وهم خمسة فيما علمت، والثاني الإمام العلامة أبو عمر وعثمان بن

<<  <  ج: ص:  >  >>