أكل الشحم، فقيل: إنه قبض على فؤاده، فمات فجأة في التاريخ المذكور. نسأل الله الكريم العفو والعافية واللطف الجميل واليسر الحصين في الدين والدنيا والآخرة، وقد تقدم ذكر الأخفش الأكبر والأوسط في سنة خمس عشرة ومائتين.
[ست عشرة وثلاث مائة]
فيها دخل القرمطي الزوحية بالسيف واستباحها ثم نازل الرقة، وقتل جماعة، وتحول إلى هيت، فرموه بالحجارة، وقتلو صاحبه أبا الدرداء، فسار إلى الكوفة، ثم انصرف وبني داراً سماها دار الهجرة، ودعا إلى المهدي وسار إليه كل مرتب، ولم يحج أحد هذه السنة، واستعفي ابن عيسى من الوزارة، وولي بعده علي بن مقلة، وهو كاتب. قلت: وهذا مشكل، وقد تقدم في سنة اثنتي عشرة وثلاث مائة أن علي بن عيسى سم ولكن يحتمل أنه سم ولم يمت بذلك السم.
وفيها توفي الشيخ الكبير الولي الشهير أبو الحسن بنان الحمال نزيل مصر وشيخها، كان ذا منزلة جليلة وأحوال جميلة وكرامات عديدة، صحب الجنيد، وحدث عن الحسن بن محمد الزعفراني وجماعة. توفي في رمضان وخرج في جنازته أكثر أهل مصر. ومن كراماته أنه جاءه إنسان، وذكر أنه ضاع له قرطاس فيه تنزيل، له صورة من المال، وسأله أن يدعو له بحفظه، فقال له: أنا رجل كبير وأشتهي الحلواء، اشتر لي كذا وكذا منها، فذهب واشترى له منها الذي طلب، فلما جاءه بها تناول منها شيئاً يسيراً ثم قال: اذهب وأطعمها صبيانك فلما ذهب بها إلى بيته وجد ذلك القرطاس هو الذي ضاع له.
ومنها أنه ألقاه بعض الخلفاء بين يدي الأسد في حال غضبه عليه، فصار الأسد يشمه، ولم ينله بسوء، فقيل له: كيف كنت في وقت شم الأسد لك؟ فقال: كنت أفكر في اختلاف العلماء في طهارة لعاب السباع.