وفيها توفي محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني، كان حسن الحديث كثير العلم مشهوراً، اخرج له البخاري، وفيها توفي أبو حيان يحيى بن سعيد التيمي الكوفي، وكان ثقة إماماً صاحب سنة.
[سنة ست وأربعين ومائة]
في صفر منها تحول المنصورإلى بغداد قبل تمام بنائها، وكان لا يدخلها أحد راكباً، حتى إن عمه عيسى اشتكى إليه المشي فلم يأذن له. وفيها توفي الأشعث بن عبد الملك الحمراني مولى الحمران مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان ثقة ثبتاً حاقظاً. وفيها توفي محمد بن السائب الكلبي، الكوفي صاحب التفسير والأخبار والأنساب، قال: انما سميت العرب شعوباً لأنهم قيل لهم ذلك حين تفرقوا من ولد إسماعيل صلى الله على نبينا وعليه وآله وسلم ومن ولد قحطان وتشعبوا، وقال: العرب كلهم بنو إسماعيل إلا اربع قبائل السلف والأوزاع وحضرموت وثقيف، وأول من تكلم العربية يعرب بن الهميسع ابن بنت ابن إسماعيل، قال: وكل نبي ذكر في القرآن فهو من ولد إبراهيم غير ادريس ونوح ولوط وهود وصالح، قلت وكأنه لم يستثن آدم صلى الله على نبينا وعليه وآله وسلم لشهرة كونه أباً للكل، وقال: لم يكن في العرب في الأنبياء إلا هود وصالح وإسماعيل ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. وروي عن ابن عباس أن أصحاب سفينة نوح كانوا ثمانين رجلاً، نزلوا فمكثوا حتى كثروا، وملكهم نمرود بن كنعان بن حازم بن نوح، فلما كفروا ابدل الله ألسنتهم وتفرقوا على الاثنين وسبعين لساناً، وفهم الله العربية عمليق واميم وطسم بني لاوذ بن سام، وعاد وعبيل بن عوص بن آرم بن سام، وثمود وجديش ابني جابر بن أرم بن سام، وبني قنطور بن عامر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، صلى الله على نبينا وعليه وآله وسلم، قلت وقع في كلام الكلبي تناقض، فإنه ذكر أن اللغة العربية فمها الله تعالى عمليقاً، وذكر من بعده من ذرية نوح، بعدما ذكر أن أول من تكلم بالعربية يعرب من ذرية إسماعيل، وهذا أيضاً مخالف لما جاء إن إسماعيل عليه السلام تعلم العربية من جرهم لما نشأ بينهم. والكلبي المذكور فيه مطاعن من جهة المذهب وغيره. وقد قيل إنه لما نزل نوح صلى الله على نبينا وعليه وآله وسلم ومن معه من السفينة،