وفيها توفي علقمة بن مرثد الحضرمي الكوفي، كان نبيلاً في الحديث، وقيس بن مسلم، ومحمد بن إبراهيم التيمي المدني الفقيه.
[سنة احدى وعشرين ومائة]
فيها توفي مسلمة بن عبد الملك بن مروان، وكان موصوفاً بالشجاعة والاقدام والرأي والدهاء، قتل زيد بن علي بن الحسين بن علي بالكوفة، وكان قد بايعه خلق كثير، وحارب متولي العراق يومئذ الأمير يوسف بن عمر الثقفي فقتله يوسف المذكور وصلبه، قلت وقد يتوهم بعض الناس أن يوسف بن عمر الثقفي هذا أبو الحجاج، وليس كذلك بل الحجاج بن يوسف عم أبيه، فإنه يوسف بن عمر بن محمد بن يوسف، هكذا ذكر بعض المؤرخين نسبه، ولما خرج زيد أتته طائفة كثيرة وقالوا له تبرأ من أبي بكر وعمر حتى نبايعك، فقال: بل أتبرأ ممن يتبرأ منهما. فقالوا: اذن نرفضك فمن ذلك الوقت سموا الرافضة وسميت شيعة زيد زيدية.
[سنة اثنتين وعشرين ومائة]
فيها توفي قاضي البصرة إياس بن معاوية بن قرة المزني اللسن البليغ والألمعي المطيب والمعدوم مثلاً في الذكاء والفطنة ورأساً لأهل البيان والفصاحة، كان صادق الظن لطيفاً في الأمور مشهوراً بفرط الذكاء، وإياه عنى الحريري بقوله في المقامة السابعة: فإذا ألمعيتي ألمعية ابن عباس، وفراستي فراسة إياس أحد من يضرب به المثل في الذكاء، وهو المشار إليه في قول أبي تمام:
إقدام عمرو في سماحة حاتم ... في حلم أحنف في ذكاء إياس
ولي قضاء البصرة في خلافة عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه، وقيل لوالده معاوية بن قرة: كيف ابنك لك؟ قال: نعم. الابن كفاني أمر دنياي، وفرغني لآخرتي، وكان إياس المذكور أحد العقلاء الفضلاء الدهاة. ويحكى من فطنته أنه كان في موضع، فحدث فيه ما يقتضي الخوف، وهناك ثلاث نسوة لا يعرفهن، فقال: ينبغي أن يكون هذه حاملاً وهذه مرضعاً وهذه عذراء، فكشف عن ذلك فكان كما تفرس، فقيل له من أين لك هذا؟ فقال: عند الخوف لا يضع الإنسان يده إلا على أعز ما له ويخاف عليه، فرأيت الحامل وضعت يدها على جوفها فاستدللت بذلك على