وفيها توفي على الأصح ليث بن أبي سليم الكوفي أحد الفقهاء. قال الفضيل بن عياض: كان أعلم أهل زمانه في المناسك.
[سنة أربع وأربعين ومائة]
فيها حج بالناس المنصور، وأهمه شان محمد بن عبد الله بن الحسن وأخيه إبراهيم لتخلفهما عن الحضور عنده، فوضع عليها العيون وبذل الأموال وبالغ في طلبهما لأنه عرف مرامهما، وجرت أمور يطول شرحها، وقبض على أبيهما فسجنه، وجهز جيش العراق والجزيرة لغزو الديلم وعلى الناس محمد بن السفاح. وفيها توفي سعيد بن إياس محدث البصرة، وعبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب بالمدينة في حبس المنصور. قال الواقدي: كان من العباد، وله شرف وهيبة ولسان شديد بالشين المعجمة على ما ضبط في الأصل المنقول منه. وفيها توفي عمرو بن عبيد المعتزلي المتكلم الزاهد المشهور ومولى بني عقيل، كان أبو يختلف إلى أصحاب الشرط بالبصرة، فكان الناس إذ رأوا عمراً مع أبيه قالوا: هذا خير الناس من شر الناس فيقول أبوه صدقتم هذا إبراهيم وأنا آزر. وإذا قيل لأبيه عبيد إن ابنك يختلف إلى الحسن البصري ولعله أن يكون منه خير، فقال: وأي خير يكون من ابني وأمه؟ اصبتها من غلول وأنا أبوه، ثم صار عمرو شيخ المعتزلة في وقته. وسئل الحسن البصري عنه فقال للسائل: سألت عن رجل كأن الملائكة أدبته، وكأن الأنبياء ربته، ان قام بأمر قعد به، وإن قعد بأمر قام به، وإن أمر بشيء كان ألزم الناس له، وإن نهى عن شيء كان أترك الناس له، ما رأيت ظاهراً أشبه بباطن ولا باطناً أشبه بظاهر منه. ودخل يوماً على الخليفة أبي جعفر المنصور وكان صديقاً له قبل الخلافة، فقربه وقال عظني، فقال: ان هذا الأمر الذي في يدك لو بقي في يد أحد ممن كان قبلك لم يصل إليك، فاحذر من ليلة تمحض بيوم لا ليلة بعده، وغير ذلك من المواعظ فلما أراد النهوض قال: قد أمرنا لك بعشرة آلاف درهم قال: لا حاجة لي فيها. قال: والله تأخذها. قال: والله لا آخذها، وكان المهدي حاضراً فقال يحلف أمير المؤمنين وتحلف أنت؟ فالتفت عمرو إلى المنصور وقال: من هذا الفتى؟ قال: هذا المهدي ولدي وولي عهدي. فقال: اما فقد ألبسته