المصاف من السودان، قيل: ثمانون ألفاً. وفيها توفي أبو محمد عبد الله بن عبد الله بن عبد الرحمن الأموي العثماني الديباجي محدث الإسكندرية، وكان صالحاً متعففاً يقرىء النحو واللغة والحديث. وفيها توفي أبو الفضل قاضي القضاة ابن السهروردي، ومن جلالته أن السلطان صلاح الدين لما أخذ دمشق وتمنعت عليه القلعة أياماً مشى إلى دار القاضي أبي الفضل المذكور، فانزعج، وخرج ليلقاه فدخل وجلس وقال: طب نفساً، فالأمر أمرك والبلد بلدك.
[سنة ثلاث وسبعين وخمس مائة]
فيها وقعة الرملة سار صلاح الدين من مصر، فسبى وغنم بلاد عسقلان، وسار إلى الرمل، فالتقى الفرنج، فحملوا على المسلمين وهزموهم، وثبت السلطان صلاح الدين وابن أخيه تقي الدين، ودخل الليل واحتوت الفرنج على العسكر بما فيه، وتمزق العسكر، وعطشوا في الرمال وأستشهدوا جماعة، وتحير صلاح الدين ونجا، وقتل ولد لتقي الدين عمره عشرون سنة، وأشر الأمير الفقيه عيسى الهكاري، وكانت نوبة صعبة، ونزلت الفرنج على حماة، وحاصرتها أربعة أشهر لاشتغال السلطان بلم سعث الجيش. وفيها توفي السلطان أرسلان السلجوقي، والوزير أبو الفرج محمد بن عبد الله بن هبة الله، وكان جواداً سرياً معظماً مهيباً، خرج للحج في تجمل عظيم، فوثب عليه واحد من الباطنية فقتله فى أوائل ذي القعدة.