جيشاً أميره مسلم بن عقبة، فالتقوا بظاهر المدينة لثلاث بقين من ذي الحجه، فقتل من أولاد المهاجرين والأنصار ما نيف على ثلاث مائة، وقتل من الصحابة معقل بن سنان الأشجعي وعبد الله بن خنظلة بن الغسيل الأنصاري وعبد الله بن زيد بن عاصم المازني الذي حكى وضوء النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وممن قتل يومئذ محمد بن ثابت بن قيس بن شماس، ومحمد بن عمرو بن حزم ومحمد بن أبي جهم بن حذيفة ومحمد بن أبي كعب ومعاذ بن الحارث أبو حليمة الأنصاري الذي أقامه عمر يصلي التراويح بين الناس ويعقوب من نسل طلحة بن عبيد الله التيمي وكثير بن أفلح أحد كتاب المصاحف الذي أرسلها عثمان وأبوه أفلح مولى أبي أيوب. وفي السنة المذكورة توفي مسروق بن الأجدع الهمداني الفقيه العابد المشهور المحمود صاحب عبد الله بن مسعود، وكان يصلي حتى تورم قدماه، وحج فما نام إلا ساجداً. وعن الشعبي قال ما رأيت أطلب للعلم منه، كان أعلم بالفتوى من شريح.
[سنة أربع وستين]
في أولها هلك مسلم بن عقبة الذي استباح المدينة، عجل الله قصمه، والعجب أنه شهد الوقعة وهو مريض في محفة كأنه مجاهد في سبيل الله، وكذلك عجل الله تعالى يزيد بن معاوية فمات بعد نيف وسبعين يوماً منها، وله ثمان وثلاثون سنة، بايع له أبوه الناس في حياته، ويقال إنه قال له: قد أسست لك الأمر ومهدته، وبايعت لك الناس، ولم يبق منهم إلا أربعة: الحسين بن علي وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر. فأما الحسين فاستوص به خيراً المكانة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وأما عبد الله بن عمر فقد وقذته العبادة، فليس له في الملك حاجة. وأما عبد الرحمن بن أبي بكر فمغرم بالنساء، فأرغبه في المال. وأما الذي يكمن لك ويثب عليك وثبة الأسد فكذا وكذا، وذكروا كلاماً معناه التحذير منه والتحريض على قتاله، والله أعلم بصحة ذلك. وكانت مدة ولايته ثلاث سنين وثمانية أشهر، وعهد بالأمر من بعده إلى ابنه معاوية بن