كأنا وضوء الصبح يستعجل الدجى ... نظير غراباً ذا قوادم جون
يعني بالجون بفتح الجيم الأبيض، ويطلق على الأسود أيضاً لأنه من أسماء الأضداد، فشبه ظلام الليل حين يظهر فيه ضوء الصباح بأشخاص الغربان، ثم شرط أن يكون قوادم ريشها بيضاً، لأن ذلك البياض يقع من الظلمة في حواشيها، من حيث يلي معظم الصبح. وعموده ولمع نوره يتخيل منها في العين كشكل قوادم بيض، وجعل ضوء الصبح، لقوة ظهوره ودفعه لظلام الليل كأنه يدفع الدجى ويستعجله، ولا يرضى بأن يتمهل في حركته.
وفيها السنة المذكورة توفي المحدث أبو جعفر محمد بن حماد.
وفيها توفي أحمد بن يعقوب القاضي، أحد من قام في خلع المقتدر، احتساباً ذبح صبراً.
وفيها توفي محمد بن داود بن الجراح الإخباري العلامة، صاحب المصنفات وكان أوحد زمانه في معرفة أيام الناس.
[سبع وتسعين ومائتين]
فيها توفي الحافظ ابن الحافظ ابن الحافظ: محمد بن أحمد بن زهير بن حرب كان أبوه يستعين به في تصنيف التاريخ.
وفيها توفي الشيخ الكبير العارف بالله الشهير إمام السالكين، وقدوة العارفين أبو عبد الله عمرو بن عثمان المكي، شيخ الصوفية، أحد الخمسة المقتدى بهم في زمانهم، الجامعين بين علم الباطن والظاهر، صاحب التصانيف في الطريقة، كبير الشأن في أسرار الحقيقة.
وفيها توفي الإمام البارع محمد بن داود بن علي الأصبهاني المعروف بالظاهري الفقيه أبو بكر، أحد أذكياء زمانه صاحب " كتاب الزهرة ". تصدر للإشتغال والفتوى. كان فقيها أديباً شاعراً ظريفاً وكان يناظر أبا العباس بن شريح. وسيأتي ذكر شيء من ذلك في ترجمة ابن شريح.
ولما توفي، أبوه داود جلس في حلقته، وكان على مذهبه، فاستصغروه فدشوا إليه