للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتهى قلت: والشفاء والنجاة إشارة إلى كتابيه المتقدم ذكرهما، ولقد طالعت كتاب الشفاء فلم أراه إلا جديراً بقلب الفاء قافاً، مشتمل على كثيرة فلسفة، لا ينشرح لها صدر متدين. وذكر شيخ الإسلام أستاذ الأنام في عصره: شهاب الدين السهروردي رحمه الله أنه غسل كتابه الموسوم بالشفاء بإشارة قدسية نبوية، يعني بإشارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قلت: وقد ذكروا أنه تاب، واشتغل بالتنسك، فإن صح ذلك فقد أدركه الله تعالى لسابق عنايته وواسع رحمته، حتى أحدث فيه لاحق توبته - والله أعلم بحقيقة ذلك وصحته. وفيها توفي وجيه الدولة أبو المطاع بن حمدان ابن ناصر الدولة الحسين بن عبد الله بن حمدان الثعلبي، كان شاعراً ظريفاً حسن السبك، جميل المقاصد. ومن شعره قوله:

إني لأحسد لا في أسطر الصحف ... إذا رأيت اعتناق اللام للألف

وما أظنهما طال اعتناقهما ... إلا لما لقيا من شدة الشغف

وأورد له الثعالبي في اليتيمة

قالت: لطيف خيال زارها ومضى ... بالله صفة لا تنقص ولا تزد

فقال حلبت لو مات من ظمأ ... وقلت قف عن ورد الماء لم يرد

قالت صدقت الوفا في الحب عادته ... يا برد ذاك الذي على كبدي

وذكر بعضهم أن هذه الأبيات للشريف أبي القاسم أحمد بن طباطبا العلوي، ولوجيه الدولة المذكور أشعار كثيرة حسنة شهيرة، وكان قد وصل إلى مصر في أيام الظاهر بن الحكم العبيدي صاحبها، فقلده ولاية الإسكندرية وأعمالها، فأقام بها سنة، ثم رجع إلى دمشق.

[سنة تسع وعشرين واربع مائة]

فيها توفي الحافظ محدث هراة أبو يعقوب القراب بالقاف في أوله والموحدة في آخره على ما ضبطه بعضهم اسحاق بن ابراهيم السرخسي الهروي. روى عن خلق كثير، زاد عدة شيوخه على ألف ومائتين، وصنف تصانيف كثيرة، وكان صالحاً زاهداً مقلاً من الدنيا، رجمه الله. وفيها توفي العلامة في اللغة والشعر والعربية المصنف في الزهد وغيره، يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث، قاضي الجماعة بقرطبة. وفيها توفي الأستاذ أبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي الفقيه الشافعى الأصولى

<<  <  ج: ص:  >  >>