أرى كبدي وقد بردت قليلاً ... أمات الهم أم عاش السرور
أم الأيام خافتني لأني ... بفخر الملك منها أستجير
ومن أجله صنف ابن الحاسب كتاب الفخري في الجبر والمقابلة. وحكي أنه رفع إليه قصة سعى فيها بهلاك شخص، فوقف فخر الملك عليها، وقلبها وكتب في ظهرها: السعاية قبيحة وإن كانت صحيحة، فإن كنت أجريتها مجرى النصح فخسرانك فيها أكثر من الربح، ومعاذ الله تقبل من مهتوك في مستور، ولولا أنك في حقارة سبيل لقابلناك بما يشبه مقالك، ويروع به أمثالك، فاكتم هذا العيب، واتق من يعلم الغيب، والسلام. ولم يزل فخر الملك في عزة وجاهة وحرمة إلى أن نقم عليه مخدومه سلطان الدولة المذكور بسبب، فقتله. قلت: وكم من تعاسة تنال ذوي الولايات، ثم لا يرتدعون من طلب الرئاسات.
[سنة ثمان وأربع مائة]
فيها وقعت فتنة عظيمة بين السنية والشيعي، وتفاحشت، وقتل طائفة من الفريقين، وعجز صاحب الشرطة عنهم، وقاتلوه، فأطلق الذيران في سوق نهر الدجاج. وفيها استتاب القادر بالله وكان صاحب سنة طائفة من المعتزلة والرافضة، وأخذ خطوطهم في التوبة، وبعث إلى السلطان في ذلك الوقت يبث السنة بخراسان، ففعل ذلك، وبالغ وقتل جماعة، ونفى خلقاً كثيراً من المعتزلة والرافضة والاسماعيلية والجهمية والمشبهة، وأمر بلعنهم على المنأبو. وفيها قتل الدوري وقطع لكونه ادعى ربوبية الحاكم. وفيها توفي أبو الفضل الخزاعي محمد بن جعفر الجرجاني المقرىء، مصنف كتاب الواضح، وكان كثير التطواف في طلب القراءات. وفيها توفي أبو عمر البسطامي محمد بن الحسين الشافعي، قاضي نيسابور وشيخ الشافعية بها، رحل وسمع الكثير، ودرس المذهب، وأملى على الطبراني وطبقته.