للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمتون، ومعرفة بالمذهب وأصوله والعربية ذكياً فطناً مدركاً فقيه النفس له اليد البيضاء في النظم والنثر، تفقه بتاج الدين، وأفتى وهو ابن نيف وعشرين سنة، فكان يضرب بذكائه ومناظرته المثل.

[سنة تسع وعشرين وسبع مائة]

فيها توفي مدرس البادرائية، ومفتي المسلمين. شيخ الإسلام برهان الدين إبراهيم ابن الإمام شيخ الشافعية تاج الدين عبد الرحمن ابن إمام الرواحية إبراهيم بن سباع بن فركاح الفزاري المصري الأصل وشيعه الخلق يوم الجمعة عند قبر أبيه بالباب الصغير، وله سبعون سنة، حضر على الزين خالد، وسمع من ابن عبد الكريم، وابن أبي اليسر وعدة، وله مشيخة يحدث بالصحيحين، وأعاد لوالده، وخلفه في تدريس البادرانية، وفي حلقته بالجامع، وتخرج له أئمة، وعلق على التنبيه شرحاً كبيراً، وكان رأساً في المذهب عارفاً بالأصول والنحو والمنطق مع الورع والتقوى والتعفف والكرم، وامتنع من القضاء، وباشر خطابة البلد أياماً، ثم ترك، وكان له وقع في القلوب وود.

قلت واجتمعت به عند مسجد الخيف، ورأيت له في المنام رؤيا حسنة فيها بشرى، وكان - رحمه الله تعالى - في حلقة جده، ولقد سأله بعض الناس وأنا عنده حاضر فيمن قال: أحرمت لله بحجة وعمرة مفردة ما حكمه؟ وكان السائل عامياً قد صدر عنه ذلك، فقال: ما قال من العلماء بهذا اللفظ أحد، فقلت له: فإذا كان قد وقع هذا اللفظ من صاحبه. كيف يكون الحكم؟ وما الجواب في ذلك؟ فانزعج انزعاجاً شديداً، ولم يجب في ذلك بشيء، والذي أراه أنا إذا سئلنا عن مثل ذلك أن نقول: يحتمل أن يكون محرماً بالحج والعمرة معاً، فيكون قوله مفردة لفظاً باطلاً ليس له معنى لحصول قصد الحج والعمرة معاً منه، وتعقيبه ذلك بلفظ يناقضه لا يعتبر لأنهما إذا وقعا لا يرتفعان.

ويحتمل أنه قصد الإحرام بحجة مفردة، فسبق لفظه إلى قوله: وعمرة مدخلاً لفظ العمرة بسبق لسانه من غير قصد بين الحجة، ووصفها بالإفراد، فيكون محرماً بالحج فقط، وإذا احتمل حكمنا بالأحوط، وهو صحة الإحرام بالمتيقن فقط. أعني الداخل في التقديرين معاً، وهو الحج، فينبغي له أن يحرم بالعمرة بعد الفراغ من أعمال الحج، ولا يجوز أن يحرم بها قبل ذلك لأنه لا يجوز إدخال العمرة على الحج هذا الذي ظهر لي في ذلك في حال الإملاء، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>