للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[خمس وعشرين ومائتين]

فيها توفي الإمام المالكي اصبغ بن الفرج مفتي مصر، قال ابن معين: كان من أعلم خلق الله، يرى برأي مالك، أو قال: لمذهب مالك، يعرفه مسألة مسألة، متى قالها مالك؟ ومن خالفه فيها. وله تصانيف حسان.

وفيها توفي أبو عبيد بن فياض اليشكري البصري.

وفيها توفي الأمير أبو دلف القاسم بن عيسى العجلي صاحب الكرخ، أحد الأبطال المذكورين والأجواد المشهورين، وهو أحد أمراء المأمون ثم المعتصم، وله وقائع مشهورة وصنائع مأثورة، أخذ عنه الأدباء الفضلاء، وله صنعة في الغناء، وله من الكتب " كتاب البزة والصيد "، و " كتاب السلاح "، و " كتاب سياسة الملوك " وغير ذلك، ولقد مدحه أبو تمام الطائي بأحسن المدائح، وكذلك بكر بن النطاح وفيه يقول:

يا طالباً للكيمياء وعلمه ... وابن عيسى الكيمياء الأعظم

لو لم يكن في الأرض إلا درهم ... ومدحته لأتاك ذاك الدرهم

ويقال أنه أعطاه على هذين البيتين عشرة آلاف درهم فأغفله قليلاً ثم دخل عليه، وقد اشترى بتلك الدراهم قرية في نهر الأبلة فأنشده:

بك ابتعت في نهر الأبلة قرية ... عليها قصير بالرماح مشيد

إلى جنبها أخت لها يعر ضونها ... وعندك يا للهبات عقد معقد

فقال له: وكم ثمن هذه الأخت؟ فقال: عشرة آلاف درهم فدفعها له، ثم قال: تعلم أن نهر الأبلة عظيم، وفيه قرى كثيرة، وكل أخت إلى جانبها أخرى، وإن فتحت هذا الباب اتسع علي الخرق فامتنع بهذه، فدعا له وانصرف، وكان أبو دلف قد شهد معركة فطعن فيه فارساً فنفذت الطعنة إلى أن وصلت إلى فارس فار آخر وراءه، فنفذت فيه السنان، فقتلهما، وفي ذلك يقول بكر بن النطاخ.

قالوا وينظم فارسين بطعنة ... يوم الهياج، ولا تراه كليلاً

لا تعجبوا فلو أن طول قناته ... ميل إذن نظم الفوارس ميلاً

وكان أبو عبد الله أحمد بن أبي صالح مولى بني هاشم أسود سيء الخلق، وكان فقيراً فقالت له امرأة: يا هذا، أن الأدب أراه قد سقط نجمه وطاش سهمه، فاعمد إلى سيفك ورمحك وفرسك، وادخل مع الناس في غزواتهم، عسى الله أن ينفلك من الغنيمة شيئاً فأنشد:

<<  <  ج: ص:  >  >>