الفارسي، وكان أبوه مملوكاً رومياً. وسئل المتنبي عن قوله " صبرت أم لم تصبرا " في ثبوت الألف مع لم الجازمة، فقال: لو كان أبو الفتح هنا لأجابك، يعني ابن جني. قلت: وهذه الألف بدل من نون التأكيد الخفيفة، أصله " أم لم تصبرن " ومنه قول الأعشى: ولله فاعبدا، أصله: فاعبدن. ولابن جني تصانيف كثيرة مفيدة، منها " التنبيه "، و " المهذب " و " اللمع ". و " التبصرة "، ويقال إن أبا إسحاق أخذ تسمية كتبه منه.
وفيها توفي الوليد بن أبي بكر الأندلسي الحافظ. رحل وروى عن ابن رشيق. وعلي بن الخطيب وخلق، قال ابن الفرضي: كان إماماً في الفقه والحديث، عالماً باللغة والعربية، لقي في الرحلة أزيد من ألف شيخ.
[ثلاث وتسعين وثلاثمائة]
فيها توفي الحسن بن الضبي المعروف بابن وكيع الشاعر المشهور، ذكره الثعالبي وقال: كان شاعراً بارعاً وعالماً جامعاً، قد برع على أهل زمانه، فلم يتقدمه أحد في أوانه وله كل بديعة، يسخر الأوهام، ويستعبد الأفهام، وله ديوان شعر جيد، وله كتاب بين في سرقات المتنبي سماه المصنف ومن شعره:
لقد قنعت همتي بالخمول ... وصدت عن الرتب العالية
وما جهلت طعم طيب العلا ... ولكنها تؤثر العافية
قال بعض الفقهاء: أنشدت الشيخ أبا الفتح القضاعي المدرس بتربة الشافعي في القرافة بيتي ابن وكيع المذكورين، فأنشدني لنفسه على البديهة:
بقدر الصعود يكون الهبوط ... فإياك والرتب العالية
وكن في مكان إذا ما سقطت ... تقوم رجلاك في عافية
ولابن وكيع أيضاً:
سلا عن حبك القلب المشوق ... فما يسبو إليك ولا يتوق
جفاؤك كان عنك لنا عزاء ... وقد يسلى عن الولد العقوق
وفيها توفي الإمام أبو نصر، صاحب الصحاح الجوهري إسماعيل بن حماد التركي اللغوي أحد أركان اللغة. قيل: كان في جودة الخط في طبقة ابن مقلة ومهلهل، أكثر الترحال، ثم سكن نيسابور، وقيل كان متردياً من سطح بيت بنيسابور، وقيل إنه تسود. وعمل له شبه جناحين وقال: أريد أن أطير، فطار، فهلك رحمه الله تعالى.
وفيها توفي الطائع له عبد الكريم بن المطيع لله الفضل بن المقتدر جعفر بن