وفي السنة المذكورة توفي الخطيب أبو الحسين محمد بن عل، المنتسب إلى المهتدي بالله. كان سيد بني العباس في زمانه وشيخهم، نبيلاً صالحاً متقبلاً، يقال له راهب بني العباس لدينه وعبادته وسرده الصوم. عاش خمساً وتسعين سنة. وفيها توفي أبو القاسم الهذلي يوسف بن علي المتكلم المقرىء النحوي، صاحب كتاب الكامل في القراءات. كان كثير الترحال، حتى وصل إلى بلاد الترك في طلب القراءات المشهورة والشاذة.
[سنة ست وستين واربع مائة]
فيها كان الغرق الكثير ببغداد، فهلك خلق تحت الردم، وأقيمت الجمعة في الطيار على ظهر الما، وكان الموج كالجبإل، وغرق بالكلية بعض المحال، وبقيت كأن لم يكن، وقيل: بلغ ارتفاع الماء ثلاثين ذراعاً. وفيها توفي ركن الدولة الحسن بن بويه الديلمي، صاحب أصفهان والري وهمدان وجميع العراق، وهو والد عضد الدولة ومؤيد الدولة وفخر الدولة، وأخو معز الدولة. وكان ملكاً جليل القدر عالي الهمة. وكان أبو الفضل بن العميدي وزيره، والصاحب بن عباد وزير ولده مؤيد الدولة قالوا: وكان مسعوداً ورزق السعادة في أولاده الثلاثة، وقسم عليهم الممالك، فقاموا بها أحسن قيام، وكان أوسط إخوته قبله عماد الدولة، وبعده معن الدولة. وفيها توفي أبو سهل الحفصي محمد بن أحمد المروزي، راوي الصحيح عن الكشميهني. كان رجلاً أميناً مباركاً، سمع منه نظام الملك فأكرمه، وأجزل صلته. وفيها توفي الحافظ أبو محمد الكتاني عبد العزيز بن أحمد التميمي الدمشقي الصوفي. والحافظ أبو بكر بن العطار محمد بن ابراهيم الأصفهاني والفقيه أبو المكارم محمد بن سلطان الغنوي الدمشقي الفرضي. ويعقوب بن أحمد الصيرفي النيسابوري.
[سنة سبع وستين واربع مائة]
فيها أخذ المستنصر الديار المصرية والإسكندرية ودمياط وبلاد الصعيد. وكان قد استضع، وأخذ منه جميع ذلك في سنة خمس، فعاد إليه جميع ما أخذ منه، ثم أخذ يعمر البلاد وأطلق الفلاحين من الكلف، ثم بعث الهدايا إلى صاحب مكة، فأعاد خطبة المستنصر