وفيها توفي الآمر بأحكام الله أبو علي منصور بن المستعلي بالله العبيدي - صاحب مصر - كان مشتهراً بالظلم والفسق، امتدت دولته ثلاثين سنة. فلما تمكن وكبر قتل وزيره الأفضل، وأقام في الوزارة الشامون البطائحي، ثم صادره وقتله، ولما خرج إلى الجيزة في وقت كمن له قوم بالسلاح، فلما مر على الجسر نزلوا عليه بالسيوف، ولم يكن له عقب، فبايعوا بعده ابن عمه الحافظ عبد الحميد ابن الأمير محمد بن المستنصر. وفيها توفي أبو محمد بن الأكفاني هبة الله بن أحمد بن محمد الأنصاري الدمشقي الحافظ. وفيها توفيت فاطمة الجوزدانية بالجيم وبعد الواو زاي وذال معجمة وبين الألف وياء النسبة نون أم ابراهيم بنت عبد الله الأصبهانية، سمعت من ابن ريذة معجم الطبراني، وعاشت تسعاً وتسعين سنة.
[سنة خمس وعشرين وخمس مائة]
وفيها توفي الشيخ الكبير الولي الشهير ألفارف بالله، الخبير ذو الكرامات الكريمات والأحوال العظيمات والمقامات العلية والطريقة السنية أبو عبد الله حماد بن مسلم الدباس، كان أمياً، وفتح عليه بالمعارف والأسرار، وصار قدوة للمشايخ الكبار، وكبرت به الأصاغر، وهو الشيخ الذي خضعت له رقاب الشيوخ الأكابر محيي الدين أبي محمد عبد ألفادر الجيلاني - رضي الله تعالى عنهم، ونفعنا بهم آمين - ولكل واحد من الكرامات ما لا يسعه إلا مجلمات، وقد ذكرت شيئاً من ذلك في غير هذا الكتاب يدهش من سمعه من ذوي القلوب والألفاب، وكانت وفاة الشيخ المذكور ذي المناقب المشهورة في شهر رمضان من السنة المذكورة. وفيها توفي عن ثمان وثمانين سنة الولي الكبير الشهير الإمام النجيب النبيه المعروف بالشيخ محمد بن عبدويه: المشهور بالفضل والورع والاحسان المدفون في بلاد اليمن في جزيرة كمران - بفتح الحروف الثلاثة - تفقه على الشيخ الإمام أبي إسحاق الشيرازي في بغداد بكتابه المهذب ومسائل الخلاف وبكتبه في الأصول والجدل، ودخل اليمن بكتاب المهذب، وهو أول من دخل به اليمن - على ما بلغني - وسكن عدن مدة، ثم انتقل إلى زبيد - وملوكها الحبشة يومئذ - فدخلها مفضل بن أبي البركات بعسكر من العرب، وكان للشيخ