وفيها توفي الشيخ الجليل ذو العطاء الجزيل، والأحوال السنيات، والجدو المجاهدات عمر بن عبد الملك الدينوري نزيل قاسيون.
وفيها توفي الحافظ الرحال محمد بن عبد الغني، المعروف بابن نقطة الحنبلي كان من أهل الحديث المكثرين من سماعه وكتابته، والراحلين في تحصيله. لقي المشايخ وأخذ عنهم، واستفاد منهم، وكتب الكثير، وعلق التعاليق النافعة، وذيل على الإكمال كتاب الأمير ابن مأكولا ما أقصر فيه، وجاء في مجلدين. وله كتاب آخر لطيف في الأنساب وكتاب التقييد المعروفة رواة السنن والمسانيد، وذكره أبو البركات ابن المستوفي في تاريخه، فأثنى عليه، وقال: أنشد لأبي علي محمد بن الحسين بن أبي الشبل أحد شعراء العراق المجيدين.
لا تظهرن لعادل ولغادر حاليك في الضراء والسراء
فلرحمة المتوجعين مرارة ... في القلب مثل شماتة الأعداء
[سنة ثلاثين وست مائة]
وفيها حاصر الملك الكامل آمد وأخذ من صاحبها المسعود بن المودود ابن الملك الصالح الأتابكي، وكان ممدود فاسقًا يأخذ الحرام غصبًا، وسلم الملك الكامل آمد إلى والده الصالح نجم الدين أيوب.
وفيها جاء صاحب الروم، وحاصر حران والرقة، واستولى على الجزيرة، وفعل الروم مع إسلامهم ما يفعلون مع كفرهم. وفيها توفي القاضي بهاء الدين إبراهيم بن شاكر التنوخي الشافعي الكاتب البليغ، والدتقي الدين إسماعيل روى بالإجازة عن شهدة، وولي قضاء المعرة في صباه خمس سنين فقال:
وليت الحكم خمسًاهن خمس ... لعمري، والصبا في عنفوان
فلم تضع الأعادي قدر شأني ... ولا قالوا فلان قد رشاني
قلت: وقد أحسن في صنعة هذين البيتين، وقوله: هن خمس هو بضم الخاء أي