فيها التقى الأفشين والخرمية، فهزمهم ونجا بابك، فلم يزل الأفشين يتحيل عليه حتى أسره، وقد عاث هذا الشيطان وأفسد البلاد والعباد، وامتدت أيامه نيفاً وعشرين سنة، وأراد أن يقيم ملة المجوس، واستولي على كثير من البلدان.
وفي أيامه ظهر المازيار القائم بملة المجوس بطبرستان وبعث المعتصم إلى الأفشين بثلاثين ألف ألف درهم ليتقوى بها، وافتتحت مدينة بابك في رمضان بعد حصار شديد فاختفى بابك في غيضة وأسر جميع خواصة وأولاده، وبعث إليه المعتصم الأمان، فخرق به وسبه، وكان قوي النفس شديد البطش صعب المراس، فطلع من تلك الغيضة في طريق يعرفها في الجبل، وانفلت ووصل إلى جبال أرمينية، فنزل عند " البطريق سهل " فأغلق عليه، وبعث ليعرف الأفشين، فجاء الأفشينية فتسلموه، وكان المعتصم قد جعل لمن جاء به حياً ألفي ألف درهم، ولمن جاء برأسه ألف ألف درهم، وكان يوم دخل ببغداد يوماً مشهوداً.
وفيها توفي أبو اليمان الحكم بن نافع اليماني الحمصي الحافظ " وأبو عمرو " مسلم بن إبراهيم الفراهيدي مولاهم الحافظ محدث البصرة، سمع من ثمانية شيوخ بالبصرة، وكان يقول: ما أتيت حراماً ولا حلالاً قط.
[ثلاث وعشرين ومائتين]
فيها أتي المعتصم ببابك، فأمر بقطع رأسه وبصلبه.
وفيها توفي خالد بن خداش المهلبي البصري المحدث، وعبد الله بن صالح الجهني المصري الحافظ، وأبو بكر بن أبي الأسود قاضي همدان، وكان حافظاً مفتياً، وموسى بن إسماعيل البصري الحافظ أحد أركان الحديث رحمة الله عليهم.
[أربع وعشرين ومائتين]
فيها ظهر مازيار " بالزاي ثم الياء المثناة من تحت وفي آخره راء " بطبرستان، فسار لحربه عبد الله بن طاهر، وجرت له حروب وأمور، ثم اختلف عليه جنده، وكان قد ظلم وأسف وصادر وخرب أسوار بلدان منها: الري وجرجان وغير ذلك، وسيأتي ذكر قتله.
وفيها توفي الأمير إبراهيم بن المهدي العباسي، وكان فصيحاً أديباً شاعراً رأساً في معرفة الغناء وأبوابه، ولي أمرة دمشق لأخيه الرشيد، وبويع بالخلافة ببغداد، ولقب بالمبارك