للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إمام الطريقة، ولسان الحقيقة شهاب الدين السهروردي، ومن الإمام المحدث أبي الحسن علي بن البنا وجماعه، وتفقه وأفتى، ثم رحل سنة تسع، وسمع ببغداد ومصر والشام والجزيرة حتى بلغني أن له ألف شيخ، وكان ممن جمع بين العلم والعمل والورع وخوف الله عز وجل، وولي مشيخة دار الحديث الكاملية بالقاهرة بعد قدومه إلى الديار المصرية بعد أن طلب من مكة المشرفة على ما ذكر بعض من له بالتواريخ معرفة، وأبوه الشيخ أبو العباس القسطلاني المتقدم ذكره، المعروف بزاهد مصر، تلميذ الشيخ الكبير الولي الشهير أبي عبد الله القرشي، وأمه المرأة الولية الصالحة زوجة الشيخ القرشي المذكور. تزوجها أبوه بعد وفاة الشيخ بإشارة من الشيخ بعد موته، فولدت له ولداً مباركاً، كان مكاشفاً من صغره، ثم توفي فلما حضرته الوفاة حزنوا عليه، فقال لهم: لا تحزنوا، فسوف يأتي بعدي لكم ولد عالم صالح يكون من صفته كذا وكذا، فولدت أمه بعده الشيخ الإمام قطب الدين المذكور ذا المحاسن، والفضل المشهور.

وفيها توفي البدر بن مالك أبو عبد الله حمد ابن العلامة جمال الدين محمد بن عبد الله بن مالك الطائي المجياني، ثم الدمشقي، شيخ العربية وإمام أهل اللسان، وقدوة أرباب المعاني والبيان. قال الذهبي: كان ولده الملقب بدر الدين المذكور ذكياً عارفاً بالمنطق والأصول والنظر، لكنه كان لعاباً معاشراً توفي بالقولنج في ثامن المحرم، ولم يتكهل.

قلت: هكذا ذكر الذهبي، وهو خلاف ما رأيت من ترجمته في شرح الألفية، فإنه مكتوب فيه شرح الخلاصة في النحو للشيخ الإمام العالم العامل الورع الزاهد حجة العرب لسان الأدب قدوة البلغاء والفصحاء بدر الدين محمد ابن الإمام العالم حجة العرب أبي عبد الله بن مالك الطائي، هكذا رأيت في الشرح المذكور، والله أعلم به بجمع الأمور، وعلى الجملة فقط أخطأ أحد المترجمين إذ لا يمكن الجمع بين وصفين متناقضين، فإن كان كما ذكره القادح، فكان حق المادح أن يمدحه بما فيه من العلم دون ما ذكر من كونه عاملاً ورعاً زاهداً، وإن كان كما ذكره المادح، فالذام الواصف له بالوصف المذكور مرتكب إثماً عظيماً، فإن مدحه فيه يبقى على تعاقب الدهور، لكن الذهبي معروف بمعرفة علم التاريخ، وأحوال أوصاف الناس الظاهرة، ولكن كان ينبغي على تقدير صحة قوله أن يعرض بذمه، ووصفه القبيح، ولا يصرح به هذا التصريح.

[سنة سبع وثمانين وست مائة]

فيها توفي الإمام المحدث الفقيه أبو إسحاق إبراهيم بن عبد العزيز الرعيني الأندلسي المالكي، سمع من جماعة، وسكن دمشق، وقرأ الفقه، وتقدم في الحديث مع الزهد،

<<  <  ج: ص:  >  >>