وفيها توفي ابن الواسطي العلامة الزاهد القدوة مسند الوقت أبو اسحاق إبراهيم بن علي الصالحي، سمع وتفقه وأتقن، ودرس بالمدرسة الصالحية، وكان فقيهاً زاهداً، عابداً، مخلصاً. صاحب جد وصدق، وقول بالحق، وهيبة في النفوس.
وفيها توفي الشيخ الكبير السيد الشهير صاحب القلب المستنير، العارف بالله الخبير الذي شاع فضله واشتهر، المعروف بالمكين الأسمر عبد الله بن منصور الإسكندراني شيخ القراء بالإسكندرية.
قلت: وممن أثنى عليه بالنور والاطلاع شيخ زمانه أبو الحسن الشيخ الشاذلي الذي اشتهر فضله وشاع، وكذلك الشيخ الإمام علي المقام تاج الدين ابن عطاء الله الشاذلي، وقال: كنت أنا وهو معتكفين في العشر الأواخر من رمضان، فلما كانت ليلة ست وعشرين قال: أرى الملائكة في تهيئة وتعبية كما تهيأ أهل العرس قبله بليلة، فلما كانت ليلة سبع وعشرين، وهي ليلة جمعة قال: رأيت الملائكة تنزل من السماء، ومعها أطباق من نور، فلما كانت ليلة ثماني وعشرين قال: رأيت هذه الليلة كالمتغيظة، وهي تقول: هب إن لليلية القمر حقا أمالي حق يرعى. أو كما قال انتهى كلامه.
قلت: لعل تغيظها على الناس من أجل تركهم إحياءها، واهتمامهم بليلة القدر دونها كونها جارة لها، وحق الجار أن يكرم بشيء مما أكرم به جاره.
وأما أطباق النور المذكور، فلعلها هدية إلى من أحيى ليلة القدر. المذكورة، ومن أناله الله تعالى شيئاً من بركتها والخيرات المقسومة فيها، والله أعلم.
[سنة ثلاث وتسعين وست مائة]
في سابع المحرم منها قتل السلطان ببروجه في الصيد، ثم قتل نائبه بيدراً وخلفوا للسلطان الملك الناصر محمد بن المنصور، وهو ابن تسع سنين، وجعل نائبه كتبغا، وبسط العذاب على الوزير ابن سلغوس حتى مات وأخذت أمواله ثم قتل الشجاعي.
وفيها توفي الملك الأشرف صلاح الدين خليل ابن الملك المنصور سيف الدين قلاوون ولي السلطنة بعد والده في ذي القعدة سنة تسع وثمانين، وقتله في المحرم بيدراً