وترتب ابن أخيه الملك الجواد مظفر الدين يونس في ثياب السلطنة بدمشق عن الملك العادل ابن الملك الكامل صاحب مصر، باتفاق الأمراء الذين كانوا حاضرين ذلك، ثم بنى له تربة مجاورة للجامع، ولها شباك إلى الجامع، ونقل إليها، وكان عمره نحواًمن أربعين سنة وأقام ولده الملك العادل في المملكة إلى سنة سبع وثلاثين، ثم قبض عليه أمراء دولته، وطلبوا أخاه الملك الصالح أيوب، فجاءهم ومعه الملك الناصر صاحب الكرك، ودخلا القاهرة، وأدخل الملك العادل في محفة، وحوله جماعة كثيرة من الأجناد يحفظونه، وحمله إلى القلعة، واعتقله بها وسط العدل في الرعية، وأحسن إلى الناس، وأخرج الصدقات، وأصلح ما تهدم من المساجد، وأقام في المملكة إلى أن توفي في سنة سبع وأربعين وست مائة، وكان قد أخذ دمشق من عمه الملك الصالح، وأبقى عليه بعلبك، فلما توفي أخفي موته مقدار ثلاثة أشهر، والخطبة باسمه إلى أن وصل ولده الملك المعظم من بلاد الشام، فعند ذلك أظهروا موته، وخطب لولده المذكور، وبنى له تربة بالقاهرة إلى جنب مدرسته، ونقل إليها سنة ثمان وأربعين وأمه جارية مولدة سمراء اسمها ورد الندى، وتوفي العادل في الاعتقال سنة خمس وأربعين وست مائة، وكان له ولد يقال له: الملك المغيث نقله الملك المعظم إلى الشويك، ثم بعد الملك المعظم استولى على الكرك والشويك وتلك النواحي، ولم يزل مالكها إلى زمن الملك الظاهر، فراسله وبذل له عن تسليم البلد أعواضًاكثيرة، وحلف له حتى إذا نزل إليه. إلى منزله في الغور قبض عليه، وجهزه إلى قلعة الجبل بمصر، واعتقله بها، وكان آخر العهد به، وكان للمغيث ولد يلقب بالقرين صغير السن، فنصبه الملك الظاهر أميرًا، ولم يزل في خدمته إلى أن فتح انطاكية، ثم قبض عليه، واعتقله في القلعة المذكورة، وكان الملك الظاهر يبالغ في تحصيل قلعة الكرك، ويملؤها بالذخائر والأموال، ولما جرى على ولده السعيد ما جرى، وتوجه إلى الكرك نفعته تلك الذخائر، وكانت عوناً له على زمانه، ولما. توفي الملك السعيد ابن الملك الظاهر ملكها بعده أخوه الملك المسعود باتفاق من كان بها من مماليك أبيه ومن أمرائه، وقال ابن خلكان: وهو الآن متملكها ومقيم بها.
[سنة ست وثلاثين وست مائة]
وفيها ضعفت سلطنة الملك الجواد بدمشق بعد أن محق الخزائن، وكاتب الملك الصالح أيوب بن الكامل، وقابضه فأعطاه دمشق بسنجار، وأعانه، وكانت صفقة خاسرة، فبادر الصالح، وتسلم دمشق من الجواد لأن المصريين. ألحوا على الجواد في أن ينزل عن