حوائجك قالت لها جدتها كلمي سيدك، فقد أمرك، فسألته الرضى عن إبراهيم بن المهدي، فقال: قد فعلت، وأوقدوا في تلك الليلة شمعة عنبر، وزنها أربعون مناً في تور من ذهب، فأنكر المأمون عليهم ذلك وقال: هذا سرف.
وقال غير الطبري: لما طلب المأمون الدخول عليها، دافعوه لعذرها، فلم يندفع، فلما أدنيت إليه وجدها حائضاً فتركها، فلما قعد للناس من الغد دخل عليه أحمد بن يوسف الكاتب، وقال: يا أمير المؤمنين، هناك الله بما أخذت من الأمير باليمن والبركة وشدة الحركة والظفر بالمعركة، فأنشده المأمون:
فارس ماض بحرمته ... صادق بالطعن في الظلم
رام أن يدمي فريسته ... فأتقته من دم بدم
تعرض محيضها وهو من أحسن الكنايات، حكى ذلك أبو العباس الجرجاني في كتاب الكنايات.
وفي السنة المذكورة توفي أبو عمرو الشيباني إسحاق بن مرار الكوفي اللغوي صاحب التصانيف وله تسعون سنة، وكان ثقة خيراً فاضلاً.
وفيها توفي علي بن جعفر الصادق، وكان من جلة السادة الأشراف، ومحمد بن صالح الكلابي أمير عرب الشام وسيد قيس وفارسها وشاعرها والمقاوم للسفياني والمحارب له، حتى شتت جموعه فولاه المأمون دمشق، وفيها توفي مروان بن محمد الدمشقي صاحب سعيد بن عبد العزيز، كان إماماً صالحاً خاشعاً من جلة الشاميين.
وفيها توفي أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي البصري اللغوي العلامة الأخباري صاحب التصانيف، روى عن هشام بن عروة وأبي عمرو بن العلاء وكان أحد أوعية العلم، وقيل توفي في سنة إحدى عشرة.
[إحدى عشرة ومائتين]
فيها توفي أبو العتاهيه، إسماعيل بن هشام العنزي الشاعر المشهور، ومن شعره ما حكى أشجع الشاعر المشهور، قال: أذن الخليفة المهدي للناس في الدخول عليه، فدخلنا، وأمرنا بالجلوس، فاتفق أن جلس بجنبي بشار بن برد " بضم الموحدة " يعني الشاعر المشهور، قال: وسكت المهدي، فسكت الناس، فسمع بشاراً فقال لي: من هذا؟ فقلت: أبو العتاهية، قال: أتراه ينشد في هذا المحفل؟ فقلت: أحسبه سيفعل، قال: فأمره المهدي