أمن أمير أمصيام في أمسفر "، سمع الملك المظفر المذكور على الشيخ محب الدين الطبري المذكور، وكان لمحب الدين تردد إلى اليمن، واجتماع كثير معه في اليمن، وفي مكة لما حج أعني الملك المظفر، وكان في صحبته إلى الحج خمس مائة فارس، أخبرني بذلك من حج معه من أهل الخير والصلاح، وكان محبباً إلى الناس.
وله حكايات ظريفة منها: أنه كتب إليه بعض الناس كتاباً على وجه المزح والكياسة.
قال فيه: قال الله تعالى: " إنما المؤمنون إخوة " " الحجرات: ١٠ "، وأخوك بالباب يطلب نصيبه من بيت المال، فرد عليه الجواب، وأرسل إليه بدرهم، فقال في جوابه: إخواني المؤمنون كثير في الدنيا، ولو قسمت عليهم بيت المال ما حصل لكل واحد منهم درهم.
ومنها أنه أرسل إليه إنسان، وهو يقول: أنا كاتب أحسن الخط الظريف، والكشط اللطيف، أو كما قال، فقال في جوابه: ما ذكرته من حسن كشطك يدلى على كثرة غلطك.
ومنها أن جماعة من الديوان، وأهل الدولة أرادوا أن يجتمعوا في عدن على اللعب والشراب، وملأوا أزياراً كثيرة خمراً، فأراقها الشيخ الكبير الولي الشهير الوافر الفضل، والنصيب عبد الله بن أبي بكر الخطيب المدفون في موزع، شيخ شيوخنا. - قدس الله روحه - فغضب أمير عدن وغيره من أهل الدولة، ولم يقدروا على الانتقام من الشيخ المذكور، فكتبوا إلى الملك المظفر بذلك، فرد عليهم الجواب، وهو يقول فيه: هذا لا يفعله إلا أحد رجلين، إما صالح، وإما مجنون، وكلاهما ما لنا معه كلام.
وفيها توفي الشيخ الكبير الولي الشهير ذو البركات الشهيرة، والكرامات الكثيرة، والهمة العالية، والمحاسن الباهية أبو الرجال بن مري. توفي يوم عاشوراء منيفاً على الثمانين، كان صاحب كشف وأحوال له موقع في النفوس وإجلال.
وفيها توفي الإمام مظفر الدين أحمد بن علي، المعروف بابن الساعاتي شيخ الحنفية.
كان ممن يضرب به المثل في الذكاء، والفصاحة، وحسن الخط، وله مصنفات في الفقه وأصوله، وفي الأدب مجادة مفيدة، وكان مدرساً لطائفة الحنفية بالمستنصرية في بغداد.
[سنة خمس وتسعين وست مائة]
استهلت وأهل الديار المصرية في قحط شديد، ووباء مفرط، حتى أكلوا الجيف، وأما الموت، فيقال: أنه أخرج في يوم واحد ألف وخمس مائة جنازة، وكانوا يحفرون الحفائر الكبار، ويدفنون فيها الجماعة الكثيرة، وبلغ الخبز كل رطل، وثلث بالمصرية بدرهم، وبلغ