عليه جملة من تصانيفه، وديوان المتنبي والمقامات الحريرية، وكان علامة، وكتب الكثير، وكان كاتباً مشهورًا منتشرًا خطه في البلاد في نهابة من الحسن، ولم يكن في أواخر زمانه من يقاربه في حسن الخط، ولا يودي طريقة ابن البواب في النسخ مثله مع فضل غزير ونباهة تامة، وكان مغرمًا بنقل الصحاح للجوهري، وكتب منها نسخًا كثيرة كل نسخة في مجلد واحد يباع بمائة دينار، وكتب عليه خلق كثير، وكانت له سمعة سائرة، وقصده الناس من الأقطار، وسير إليه من بغداد النجيب أبو عبد الله الواسطي قصيدة مدحه بها أولها:
ابن غزلان عالج والمصلى ... من ظبا سكن نهر المعلى
قلت هذا البيت وإن كان في النظم مليحًا فأراه في الأدب قبيحا لإستحقار غزلان المصلى:
[سنة تسع عشرة وست مائة]
وفيها توفي الأمير أبو المحاسن العباس بن أحمد ابن الأمير سيف الدين أبي الحسن علي ابن أحمد بن أبي الهيجاء المعروف بابن المشطوب لشطب كان بوجهه، وهو ملقب نعمة، كان أميرًا وافر الحشمة والحرمة بين الملوك، معدودًا بينهم كواحد منهم، وكان عالي الهمة، عزيز الوجود، واسع الكرم، شجاعًا أبي النفس، تهابه الملوك، وله وقائع مشهورة في الخروج عليهم، وهو من أمراء الدولة الصالحية، وجرت لهم أمور وتنقلات آخرها أن الملك الأشرف ابن الملك العادل قبض عليه في السنة المذكورة فاعتقله في قلعة حران وضيق عليه تضييقًا شديدًا من الحديد الثقيل في رجليه والخشب في يديه، ولم يزل في تلك الحال إلى أن توفي في شهر ربيع الآخر منها، ولما سجنه كتب إليه بعض الأدباء:
يا أحمد ما زلت عمادًا للدين ... يا أشجع من ملك سيفًا بيمين
لاتيئس إن حصلت في سجنهم ... يوسف قد أقام في السجن سنين
وهذا مأخوذ من قول البحتري من جملة أبيات:
أما في رسول الله يوسف أسوة ... لمثلك محبوسًا على الظلم والإفك
أقام جميل الصبر في السجن برهة ... فآل به الصبر الجميل إلى الملك
قال ابن خلكان: ورأيت في بعض رسائل القاضي الفاضل أن الأمير سيف الدين