أنه لم يقتل، ولكن ألقي شبهه على عدو من أعداء الله. وشرح هذه القصة يطول، وفيما ذكرناه كفاية وعبرة لأولي العقول.
قلت وقد اقتصرت مع ما ذكرت عن المشايخ في هذه القضية على نقل ابن خلكان وهو أهون وكلامه في الصوفية أقرب وأنسب لما ذكرناه من تأويل أكابر المشايخ عنه. على المحامل التي تقدم ذكرها.
وأما ما نقل الذهبي، فذكر فيه أشياء فظيعة، وكثر التشنيع عليه، وبالغ مبالغة لا يناسب ما قدمنا عن المشايخ، بل يناسب اعتقاد الطاعنين عليه في شطحيات الصوفية، وما يصدر " عنهم من الأحوال مشتبهاً بمضمون العقيدة التفاشية، وما يناسبه من عقائد الحشوية في السادات من أولي الأحوال السيئة.
وفي السنة المذكورة توفي الشيخ الكبير العارف بالله الشهير أبو العباس بن عطاء، وكان من أجلاء المشايخ أكابر الجامعين بين علمي الباطن والظاهر.
[عشر وثلاث مائة]
فيها ببغداد توفي الحبر البحر الإمام أحد العلماء الأعلام صاحب التفسير الكبير والتاريخ الشهير والمصنفات العديدة والأوصاف الحميدة أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، كان مجتهداً لا يقلد أحداً.
قال إمام الأئمة المعروف بابن خزيمة: ما أعلم على وجه الأرض أفضل من محمد بن جرير، ولقد ظلمته الحنابلة.
وقال الفقيه الإمام مفتي الأنام أبو حامد الأسفراييني: لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل تفسير محمد بن جرير لم يكن كثيراً.
قلت: وناهيك بهذا الثناء العظيم والمدح الكريم من هذين الإمامين الجليلين البارعين النبيلين. ومولده بطبرستان سنة أربع وعشرين ومائتين، ركان ذا زهد وقناعة.
توفي في أواخر شوال من السنة المذكورة، وكان إماماً في فنون كثيرة، منها التفسير