وروى الواقدي بسنده أنه مات عكرمة وكثير عزة في يوم واحد، وصلى عليهما جميعاً، فقال الناس: مات أفقه الناس وأشعر الناس، وكان موتهما بالمدينة الشريفة. وفي السنة المذكورة على الصحيح توفي أبو رجاء العطاردي بالبصرة، وله مائة وعشرون سنة أو أقل، اسلم في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأخذ عن عمر رضي الله عنه وطائفة. وفيها توفي الأخوان عبيد الله وعبد الله ابنا عبد الله بن عمر بن الخطاب، وأبان بن عثمان الأموي المدني الفقيه، روى عن أبيه.
[سنة ست ومائة]
فيها استعمل هشام بن عبد الملك على العراق خالد بن عبد الله القسري، فدخلها وقبض على متوليها عمر بن هبيرة الفزاري وسجنه، فعمد غلمانه فنقبوا سرباً إلى السجن وآخرجوه منه، وهرب إلى الشام فأجاره مسلمة بن عبد الملك، ثم مات قريباً من ذلك. وفيها توفي القاضي عبد الملك بن عمير، كان قاضياً على الكوفة بعد الشعبي، من كبار التابعين وثقاتهم، رأى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وروى عن جابر عبد الله، ومن أخباره؛ قال: كنت عند عبد الملك بن مروان بقصر الكوفة حين جيء برأس مصعب بن الزبير فوضع بين يديه، فرأني قد ارتعت لذلك، فقال لي: ما لك؟ فقلت: اعيذك بالله يا أمير المؤمنين، كنت بهذا القصر مع عبيد الله بن زياد، فرأيت رأس الحسين بن علي أبي طالب بين يديه في هذا المكان، ثم كنت فيه مع المختار بن أبي عبيد الثقفي، فرأيت رأس عبيد الله بن زياد بين يديه، ثم كنت فيه مع مصعب بن الزبير هذا، فرأيت رأس المختار فيه بين يديه، ثم هذا رأس مصعب بين يديك، قال: فقام عبد الملك من موضعه، وأمر بهدم ذلك الطاق. وفي السنة المذكورة توفي سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي المدني الفقيه القدوة، كان خشن العيش يلبس الصوف ويخدم نفسه، قال مالك: لم يكن أحد في زمانه أشبه بمن مضى من الصالحين في الفضل والزهد منه. وقال أحمد وإسحاق: اصح الأسانيد